فقال : «ملّكتكها بما معك من القرآن» (١).
وإذا ثبت جوازه بلفظ التمليك ثبت بلفظ الهبة ؛ لأنّ أحدا لا يفصل بين الأمرين.
والجواب عن هذا الخبر بعينه ما روي : أنه عليهالسلام قال له : «زوّجتكها» ، وقيل : إنّ الراوي غلط في نقله «ملكتكها» فأقل ما في الباب أن نتوقف مع الاشتباه ، فلا يكون في الخبر دليل لهم.
فإن تعلّقوا : بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان له أن يعقد النكاح بلفظ الهبة لا محالة ، فيجب أن يجوز ذلك لغيره ، لقوله تعالى : (فَاتَّبِعُوهُ) وقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
فالجواب عن ذلك : أنّا إنّما أمرنا باتّباعه في الأفعال الواجبات والمندوبات دون المباحات ، والنكاح مباح جار مجرى الأكل والشرب اللذين لم نؤمر باتباعه فيهما ، على أنّ ذلك لو كان عموما لأخرجنا غيره منه بالأدلّة التي ذكرناها (٢).
ـ (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) [الاحزاب : ٥١]
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) [الأحزاب : ٥٣].
[قال السيّد :] روى محمّد بن سعد عن الواقدي عن محمّد بن عبد الله الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عبّاس [ما طعن به عمر على أصحاب الشورى ، قال فيه مخاطبا طلحة :] أما أنت يا طلحة أفلست القائل إن قبض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لننكحنّ أزواجه من بعده فما جعل الله محمدا بأحق ببنات أعمامنا منا ، فأنزل الله فيك : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) (٣).
__________________
(١) سنن البيهقي ، ٧ : ١٤٤.
(٢) الناصريات : ٣٢٤.
(٣) الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامّة ، ٤ : ٢٠٣.