وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)) [يس : ٦٠ ـ ٦٢].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) [يس : ٧٧]
أنظر الشعراء : ٣٢ من الأمالي ، ١ : ٥٢.
ـ (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس : ٨٢].
[إن سأل سائل فقال :] لو كان القرآن محدثا ، لكان لفظة «كن» محدثة ، وكونه كذلك يقتضي على ما خبّر أن يحدثهما بلفظة «كن» أخرى ، ويؤدّي إلى ما لا نهاية له من الألفاظ ، ولا ينجّى من ذلك في هذه اللفظه بل يجب في ما عداها من ألفاظ القرآن ؛ لأنّ التفرقة بين الأمرين غير ممكنة (١).
قلنا : معنى قوله : (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أوضع من أن يخفى على من له أدنى معرفة باللغة العربية ؛ لأنّ ذلك إنّما هو كناية عن تكوينه الأشياء بغير معاناة ولا تعب ، وأنّ الذي يريد أن يفعله يتعجّل ولا يتعذّر ، ولهذا يقولون فيمن يتأتّى مراداته من غير إبطاء : «فلان يقول للشيء : كن فيكون» ، وإذا أراد أحدهم أن يخبر عن دخول المشقّة عليه في الأفعال قال : «لست ممّن يقول للشيء : كن فيكون» ، وعلى هذا يقولون : «ما كان إلّا كلا ولا حتى جرى كذا وكذا» إنّما يعنون السرعة لا غير ، ويقول أحدهم : «قلت برأسي كذا» و «قال الفرس فركض» و «قالت السماء فهطلت» ولا قول هناك يخبرون به ، وإنّما أرادوا المذهب الذي ذكرناه وقال الله تعالى مخبرا عن السماء والأرض : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٢) وإنّما أرادوا سرعة التأتّي.
وقال أبو النجم (٣) :
قد قالت الأنساع (٤) للبطن الحق |
|
قدما ، وفآضت كالفتيق لمحنق |
__________________
(١) الملخص ، ٢ : ٤٢٩.
(٢) سورة فصّلت ، الآية : ١١.
(٣) لسان العرب مادّة (حنق) ونسبه إلى أبي الهيثم.
(٤) في الأصل : «العينان».