والخلق في هذا الوجه لا يفيد إلّا هذا المعنى ، فكيف يكون خالقا ومحدثا لما أحدثه غيره وعمله؟ على أنّ الخلق إذا كان هو التقدير في اللغة ، فقد يكون الخالق خالقا لفعل غيره إذا كان مقدرا له ومدبّرا. ولهذا يقولون : خلق الأديم فيمن قدّره ودبّره ، وإن كان ما أحدث الأديم نفسه. فلو حملنا قوله : (وَما تَعْمَلُونَ) على أفعالهم دون ما فعلوا فيه من الأجسام ، لكان الكلام على هذا الوجه صحيحا. ويكون المعنى : والله دبّركم ودبّر أعمالكم. وان لم يكن محدثا لها وفاعلا. وكلّ هذه الوجوه واضح لا إشكال فيه بحمد الله تعالى ومنّه (١).
ـ (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥)) [الصافات : ١٠٤ ـ ١٠٥].
أنظر المقدّمة الرابعة ، الأمر التاسع.
ـ (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧].
أنظر البقرة : ٧٤ من الأمالي ، ٢ : ٥٠.
ـ (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) [الصافات : ١٤٨].
أنظر إبراهيم : ٢٥ من الانتصار : ١٦٠.
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٦١.