عوض زائد ، ولا يحسن ذلك الفعل الآخر الّذي جعلناه في مقابلتها متى تجرّد ، وإنّما يحسن لغرض زائد ولم يخرجهما اختلافهما في هذا الوجه من تساويهما فيما ذكرناه من الحكم. وإذا كانت اللّذة قد تساوي في الحكم الّذي ذكرناه من التخيير في الاستصلاح ما ليس بلذّة ، وبيّنا أنّ العوض قد أخرج الألم من كونه ضررا ، وجعله بمنزلة ما ليس بألم ، فقد بان صحّة ما ذكرناه ؛ لأنّ التخيير بين اللذة وما ليس بلذة ولا ألم ، إذا حسن متى اجتمعا في المصلحة. فكذلك يحسن التخيير بين اللذة وما جرى مجرى ما ليس بألم ولا ضرر من الألم الّذي يقابله المنافع ، وليس بعد هذا إلّا قول من يوجب فعل اللّذة لكونها نفعا ، وهذا مذهب ظاهر البطلان لا حاجة بنا إلى الكلام عليه في هذا الموضع.
فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون الاستصلاح بالألم إذا كان هناك ما يستصلح به وليس بألم ، يجري في القبيح والعبث مجرى من بذل المال لمن يحتمّل عنه ضرب المقارع ، ولا غرض له إلّا إيصال المال في انّ ذلك عبث قبيح؟.
قلنا : أمّا قبح ما ذكرته فالوجه فيه غير ما ظننته من أنّ هناك ما يقوم مقامه في الغرض ؛ لأنّا قد بيّنا أنّ ذلك لو كان هو وجه القبح لكان كلّ فعل فيه غرض يقوم غيره فيه مقامه عبثا وقبيحا ، وقد علمنا خلاف ذلك ، وإنّما قبح بذل المال لمن يتحمّل الضرب ـ والغرض إيصال المال إليه ـ من حيث حسن أن يبتدىء بدفع المال الذي هو الغرض من غير تكلّف الضرب ، فصار عبثا وقبيحا من هذا الوجه وليس يمكن مثل ذلك في الألم إذا قابله ما ليس بألم ؛ لأنّ ما فيه من الغرض لا يمكن الابتداء به (١).
ـ (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) [ص : ٤٤].
ممّا عاب به النظام أمير المؤمنين عليهالسلام من الأحكام الّتي ادعى انه خالف فيها جميع الأمّة ، جلد الوليد بن عقبة أربعين سوطا في خلافة عثمان.
[الجواب :] أمّا جلد الوليد بن عقبة أربعين سوطا ؛ فإن المروي أنه عليهالسلام
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٩٠.