فما يلزم الإماميّة من تثليث الموتة يلزم مخالفيهم في تثنية الاحياء.
وتسمية الملكين بمنكر ونكير جائز ؛ لأن الأسماء ألقاب ، وليس بجارية مجرى الاشتقاق ، وهذا كما لقبت العرب وسمّيت بظالم وكلب وسرّاق وما جرى هذا المجرى. وقد قيل : إن منكرا ونكيرا مشتقّان من استنكار المعاقب لفعلهما ونفاره عنه (١).
ـ (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) [غافر : ١٥].
ولا يوصف تعالى بأنه «رفيع» ولا «شريف» ؛ لأن حقيقتهما في ارتفاع المكان واشرافه ، وإنّما مدح بذلك وأجري على غير هذه الفائدة على سبيل المجاز والاستعارة ، وقوله تعالى : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) إنّما هو صفة للدرجات لا له (٢).
ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر : ١٨].
[وفيها أمران :
الأوّل :] وإذا كان قولنا «وعد» و «وعيد» إنّما هو خبران عن إيصال الثواب والعقاب إلى من استحقّهما ، فالكلام في ذلك على الحقيقة يتعلّق بالسمع دون العقل.
ولا معنى أن يدخل في جملة الكلام في استحقاق الثواب والعقاب ، وجهتي استحقاقهما وصفاتهما ، وهل يؤثر أحدهما في الآخر أم لا يؤثر ؛ لأن ذلك كلّه من مقتضى العقل بمجرّده ، وقد ذكرنا من ذلك ما وجب في موضعه ، ولم يبق إلّا الكلام في الوعيد الحقيقي نفسه ، ونحن نشرع فيه :
اعلم أنا لا نقطع على أن من جمع بين الإيمان والفسق يعاقب لا محالة على فسقه ، بل نجوّز أن يغفر الله تعالى له ذنبه ، ويسقط تفضّلا عقابه ، أو بشفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونقطع على عقاب الكفر.
__________________
(١) الذخيرة : ٥٢٨.
(٢) الذخيرة : ٥٨٢.