من الأفعال على كلّ وجه ، فإذا قلنا : أجمع كلّ من أثبت استحقاقا بالأفعال على كذا خرجت المجبّرة منه.
وأمّا من شرط استحقاق الثواب بالإيمان الموافاة فقوله باطل ؛ لأن وجوه الأفعال وشروطها الّتي منها يستحقّ بها ما يستحقّ لا يجوز أن تكون منفصلة منها ، ومتأخّرة عن وقت حدوثها ، والموافاة منفصل عن وقت حدوث الإيمان ، فكيف يكون شرطا أو وجها في استحقاق الثواب به؟
ولا يلزمنا ذلك إذا فرقنا بين الكفر الموافى به وما لا يوافى به في دوام المستحقّ عليه من العقاب ؛ لأنا ما جعلنا الموافاة شرطا ولا وجها في الاستحقاق ولا في دوامه ، بل جعلناها دلالة لنا ، وأمارة على صفة المستحقّ ، وإذا لم يواف بكفره دلّنا ذلك على أنّ كفره وقع في حال حدوثه على وجه يقتضي ذلك ، والّذي يوافى به من الكفر نقطع على أنّه وقع للأصل على وجه يقتضي دوام عقابه ، فالموافاة دلالة عندنا ، وليست وجها ولا شرطا في الاستحقاق ، والدلالة لا تجعل المدلول على ما هو عليه.
فإذا قيل لنا : فبأيّ شيء يفسد قول من جعل الموافاة بالإيمان دلالة على وقوعه في حال حدوثه على وجه يوجب دوام ثوابه ، وأن الموافاة إذا لم تحصل دلّ عدمها على أن الإيمان وقع في ابتداء حدوثه مستحقّا به الثواب المنقطع.
قلنا : يمنع من ذلك الإجماع ؛ لأنه لا أحد يقول بذلك من الأمّة كلّها. ومن شرط الموافاة في استحقاق الثواب بالإيمان جعلها وجها لاستحقاقه وجهة ، وجعل ابتداء الاستحقاق عندها ولا يجعلها دلالة وكاشفة ، فكان كلّ من ذهب إلى أن ما يقتضي استحقاق الثواب بالإيمان تابع لحال حدوثه وغير منتظر ، يذهب إلى أن كلّ إيمان يستحقّ به في حال حدوثه الثواب الدائم.
فإذا قيل : بأيّ شيء فصلتم بين الكفر الموافى به والّذي لا يوافى به في دوام العقاب؟
قلنا : بالإجماع ؛ لأنا قد بيّنا أن دوام العقاب أو انقطاعه لا يعلم عقلا ،