متعدّيا جاز أن يجري [مجرى] ما يتعدّى بلفظه ، فإنّ من عادتهم ان يحملوا الكلام تارة على معناه وأخرى على لفظه ، ألا ترى إلى قول الشاعر :
جئني بمثل بني بدر لقومهم |
|
أو مثل إخوة منظور بن سيّار |
فأعمل الكلام على المعنى دون اللفظ ؛ لأنّه لو أعمله على اللفظ دون المعنى لقال : «أو مثل» : بالجرّ ، لكنّه لمّا كان معنى ، «جئني» : أحضر ، أو هات قوما مثلهم ، حسن أن يقول : «أو مثل» بالفتح ، وقال الشاعر :
درست وغيّر آيهنّ مع البلى |
|
الّا رواكد جمرهنّ هباء |
ومشجّج (١) أمّا سوار قذى له |
|
فبدا وغيّب سارة المعزاء |
فقال : «ومشجّج» بالرفع إعمالا للمعنى ؛ لأنّه لمّا كان معنى قوله : «الّا رواكد» : أنّهن باقيات ثابتات ، عطف على ذلك المشجّج بالرفع ، ولو أجرى الكلام على لفظه لنصب المعطوف به. وأمثلة هذا المعنى كثيرة. وفيما ذكرناه كفاية بمشيئة الله تعالى (٢).
ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩)) [الفتح : ٨ ، ٩].
أنظر الطلاق : ٢ الأمر الأول من الانتصار : ٣٤٣ والأعراف : ١٨٩ ، ١٩٠ من التنزيه : ٢٩ إلى ٣١.
ـ (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح : ١٠].
أنظر ص : ٧٥ من الأمالي ، ١ : ٥٣٢.
ـ (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) [الفتح : ١١].
[قال القاضي : وقد ذكر شيخنا أبو عليّ من القرآن ما يدلّ على أن أبا بكر يصلح للإمامة وهو قوله : (سَيَقُولُ لَكَ) إلى آخر الآية] وقال : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ
__________________
(١) مشجج ـ وتد.
(٢) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ١٦٢.