ـ (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) [الإسراء : ٦٤].
من قولهم أجلب الرجل : إذا سمعت له صياحا وجلبة واستعانة ، يستصرخ بقوم ويستعين بهم على حرب (١).
ـ (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) [الاسراء : ٧٠].
[استدلّ بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهمالسلام] ووجه الدلالة : أنّه تعالى خبّر بأنّه فضل بني آدم على كثير ممّن خلقه ، وظاهر هذا الكلام يقتضي أنّ في خلقه من لم يفضل بني آدم عليه ، وقد علمنا أنّ المخلوقات هم الإنس والجنّ والملائكة والبهائم والجمادات. ومعلوم أنّ بني آدم أفضل من الجن والبهائم والجمادات بلا شبهة ، فيجب أن يكون من يجب خروجه من الكلام ممّن لم يفضّل بني آدم عليهم هم الملائكة عليهمالسلام وإلّا سقطت الفائدة.
على أنّ لفظة «من» لا تتوجه إلى البهائم والجمادات ، وإنّما تختصّ بمن يعقل ، فليس يدخل تحتها ممّن يجوز أن يفضل الادميون عليه إلّا الملائكة والجنّ وإذا علمنا أنّهم أفضل من الجنّ بقي الملائكة خارجين من الكلام ، وفي خروجهم دلالة على أنّهم أفضل.
ويقال له : لم زعمت أوّلا أن ظاهر الكلام يقتضي أنّ في المخلوقات من لم يفضل بني آدم عليه ، فعلى ذلك بنيت الكلام كلّه ، فانّه غير صحيح ولا يسلم.
فإن قال : إنّ لفظة «كثير» تقتضي ذلك.
قيل له : من أين قلت : إنّها تقتضي ما ادّعيته ، ويطالب بالدلالة ، فانّا لا نجدها.
ثم يقال له : قد جرت عادة الفصحاء من العرب بأن يستعملوا مثل هذه اللفظة من غير إرادة للتخصيص بل مع قصد الشمول والعموم ، فيقولون : «أعطيته
__________________
(١) الرسائل ، ٤ : ١٠٠.