سورة الطّلاق
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ...) [الطلاق : ١].
[فيها أمور :
الأوّل :] وممّا إنفردت به الإمامية أنّ الطلاق لا يقع إلّا بلفظ واحد وهو قوله : «أنت طالق» ولا يقع ، بفارقتك ، وسرّحتك ، ولا باعتدي ، وحبلك على غاربك ، وبخلية ، وبرية ، وبتة ، وبتلة وكلّ لفظ ما عدا ما ذكرناه ، واختلف الفقهاء في ألفاظ الطلاق ... والحجّة لما نذهب إليه ـ بعد إجماع الطائفة ـ أنّ الطلاق يتبعه حكم شرعي لا يثبت إلّا بأدلة الشرع ، ولا خلاف في وقوعه باللفظة التي ذكرناها ، وما عداها من الألفاظ لم يقم دليل على وقوعه بها ، فيجب نفي وقوعه ؛ لأنّ الحكم الشرعي لا بدّ من نفيه إذا انتفى الطريق إليه ، وأيضا فإنّ ألفاظ القرآن كلّها واردة بلفظ الطلاق ، مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) وما أشبه ذلك ، و «طلقتم» مشتق من لفظ الطلاق دون غيره من الألفاظ ، فينبغي أن لا يتعلّق الحكم إلّا بهذه اللفظة.
فان قيل : معنى طلّقتم : فارقتم ، والفراق قد يكون بألفاظ مختلفة. قلنا : هذا خلاف الظاهر ؛ لأنّ لفظ طلّقتم مشتق من حدث فيه طاء ولام وقاف ، كما أنّ ضرب مشتق من حدث فيه ضاد وراء وباء ، ومن فعل ما فيه معنى الضرب لا يقال : ضرب ، وكذلك لا يقال فيمن فعل ما فيه معنى الطلاق : طلّق. فإن قيل : لفظة الطلاق شرعية. قلنا : معاذ الله هذه لفظة لغوية معروفة في خطاب أهل اللغة وإنّما يتبعها أحكام شرعية لا تعرف في اللغة (١).
__________________
(١) الانتصار : ١٢٩ وراجع أيضا الرسائل : ١ / ٢٣٩.