وروي عن هشام بن عروة أنه قال سمعت أبي يقول يجوز شهادة الصبيان بعضهم على بعض ، يؤخذ بأول قولهم (١).
وروي عن مالك بن أنس أنه قال : المجمع عليه عندنا يعني أهل المدينة أن شهادة الصبيان تجوز فيما بينهم من الجراح ، ولا تجوز على غيرهم إذا كان ذلك قبل ان يتفرقوا ويجيئوا ويعلموا ، فإن تفرقوا فلا شهادة لهم إلا أن يكونوا قد اشهدوا عدولا على شهادتهم قبل ان يتفرّقوا (٢).
ويوشك أن يكون الوجه في الأخذ بأوائل أقوالهم ؛ لأن من عادة الصبي وسجيته إذا أخبر بالبديهة ان يذكر الحقّ الّذي عاينه ، ولا يتعمل لتحريفه.
وليس جميع الشهادات تراعى فيها العدالة ، وجماعة من العلماء (٣) قد أجازوا شهادة أهل الذمّة في الوصية في السفر إذا لم يوجد مسلم ، وتأولوا لذلك قول الله عزوجل : (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) (٤).
وقد أجازوا أيضا شهادة النساء وحدهن فيما لا يجوز أن تنظر إليه الرجال ، وقبلوا شهادة القابلة (٥).
وإنّما أردنا بذكر قبول شهادة النساء ، أن قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) مخصوص غير عام في جميع الشهادات. ألا ترى ان ذلك غير مانع من قبول اليمين مع شهادة الواحد؟ وبعد فليس قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) بمقتض غير الأمر بالشهادة على هذا الوجه ، وليس بمانع من قبول شهادة غير العدلين ولا تعلّق له بأحكام قبول الشهادات (٦).
[السادس : انظر البقرة : ٢٣٧ من الذريعة ، ١ : ٢٩٧].
ـ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ...) [الطلاق : ٤].
[فيها أمور :
__________________
(١) المحلى ، ٩ : ٤٢١.
(٢) موطأ ، ٢ : ٧٢٦ ذ ح ٩.
(٣) المحلي ، ٩ : ٤٠٦ و ٤٠٧.
(٤) سورة المائدة ، الآية : ١٠٦.
(٥) الحاوي الكبير ، ١٧ : ٨ و ١٩.
(٦) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٢١٥ و ٢١٦.