والاستعمال ؛ لأن أحدنا إذا قال : «فلان عالم قومه» ، و «زاهد أهل بلده» ، لم يفهم من كلامه إلّا كونه أعلمهم وأزهدهم ، ويشهد أيضا بصحة قولنا ما روي عن أبي عمرو بن العلاء من قوله : كان أوس بن حجر شاعر مضرّ حتى نشأ النابغة وزهير فطأطئا منه ، فهو شاعر تميم في الجاهلية غير مدافع ، وإنما أراد بلفظة شاعر أشعر لا غير.
فأمّا ما ذكره من قولهم : «فلان شجاع القوم» فهو جار مجرى ما ذكرناه ؛ لأنه لا يفهم منه إلّا أنه أشجعهم ، ألا يعلم أنه لا يقال في كلّ واحد من القوم إذا ظهرت منه شجاعة مّا : «إنّه شجاع القوم» ، وقد دلّلنا على أن الأفضل أحق بالإمامة ، وإنها لا تجوز للمفضول فيما تقدّم ، والرواية الواردة بنزول الآية في أمير المؤمنين عليهالسلام وإن لم تكن متواترة فهي مما ظهر نقله بين أصحاب الحديث خاصتهم وعامتهم ، وما له هذا الحكم من الرواية يجب قبوله ، على أن الشيعة مجمعة على توجّه الآية إلى أمير المؤمنين عليهالسلام واختصاصه بها وإجماعهم حجّة (١).
[الثالث : انظر المائدة ٦٧ من الشافي ، ٢ : ٢٥٨].
ـ (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦].
فأمّا القبيح فتختلف أحوال الفاعلين فيه ... وأما الملائكة : فالرسل منهم لا يجوز عليهم فعل القبيح ، ولا دليل يدلّ على أنّ جميعهم بهذه الصفة ؛ لأنّ قوله تعالى : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) لا دليل يوجب القطع على عمومه في جماعتهم ، أو في جميع أفعالهم (٢).
__________________
(١) الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامّة ، ٢ : ٢٤٨.
(٢) الذريعة ، ٢ : ٥٧٠.