سورة الحاقة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة : ١٩].
أنظر المائدة : ٦ ، الأمر الثاني من الرسائل ، ٣ : ١٦١.
ـ (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) [الحاقّة : ٢٤].
اعلم أن سقوط التكليف عن جميع أهل الآخرة واجب ، أمّا أهل الثواب فلأنه يجب أن يكون خالصا من المشاق وجب سقوط تكليفهم ، وأمّا المعاقب فلو كان مكلّفا لجاز وقوع التوبة منه وسقوط العقاب بها.
ولو اعتمد في سقوط التكليف عن أهل الآخرة عن أن الإجماع مانع من تجويز استحقاق الثواب هناك أو عقاب لكان واضحا ، وقوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) لأهل الجنّة ليس بأمر على الحقيقة وان كانت له صورته.
وعند أبي علي وأبي هاشم أنه أمر ، لكنّه زائد في سرور أهل الجنّة إذا علموا إنّ الله تعالى أراد منهم الأكل وأمرهم به ، ويكون الأمر تكليفا إذا انضمت إليه المشقّة.
فإذا قيل : فأهل الجنّة يشكرون الله تعالى على نعمه.
قلنا : الشكر بالقلب يرجع إلى الاعتقادات ، والله تعالى يفعل فيهم المعارف كلّها ، فلا وجوب عليهم ، وأمّا الشكر باللسان فيجوز أن يكون لهم فيه لذّة ، فيكون غير مناف للثواب.
وممّا يجب عليه : أن معارف أهل الآخرة ضرورية ، وهم ملجأون إلى أن لا يفعلوا القبيح.