ويستشهد على ذلك بشعر أو لغة فإن البيت الذي ذكره يمكن أن يكون المراد به القطع دون التمدّد والاسترسال.
فإن قيل : فما الفرق بين جواب ابن قتيبة وجوابكم الذي ذكرتموه أخيرا؟
قلنا : الفرق بينهما بيّن ، لأنّ ابن قتيبة جعل السّبات نفس الراحة ، وجعله عبارة عنها ، وأخذ يستشهد على ذلك بالتمدّد وغيره ، ونحن جعلنا السبات من صفات النوم ، والراحة واقعة عنده للامتداد وطول السكون فيه ؛ فلا يلزمنا أن يقال : سبت الرجل بمعنى استراح ؛ لأنّ الشيء لا يسمّى بما يقع عليه حقيقة ، والاستراحة تقع على جوابنا عند السبات ، وليس السبات إيّاها بعينها ؛ على أنّ في الجواب الذي اختاره ابن الأنباريّ ضربا من الكلام ؛ لأنّ السّبت وإن كان القطع على ما ذكره فلم يسمع فيه البناء الذي ذكره وهو السبات ، ويحتاج في اثبات مثل هذا البناء إلى سمع عن أهل اللغة ، وقد كان يجب أن يورد من أيّ وجه ؛ إذا كان السبت هو القطع جاز أن يقال سبات على هذا المعنى ؛ ولم نره فعل ذلك (١).
ـ (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) [النبأ : ٣٦].
أنظر البقرة : ٢٠٢ من الأمالي ، ١ : ٣٧٤.
ـ (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) [النبأ : ٣٩]
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ٣٢٩.