أحدهما : أنّهم كانوا يقولون : إنّ الملائكة بنات الله ، فألحقوا البنات بالله ، فهو أحقّ بها منّا.
والأمر الآخر : أنّهم كانوا يقتلونهنّ خشية الإملاق ، قال الله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (١).
[أقول] : وجدت أبا علي الجبائيّ وغيره يقول : إنّما قيل لها موؤدة ؛ لأنها ثقّلت بالتراب الذي طرح عليها حتى ماتت. وفي هذا بعض النظر ؛ لأنّهم يقولون من الموؤدة : وأدت ائد وأدا ، والفاعل وائد ، والفاعلة وائدة ، ومن الثّقل يقولون : آدنى الشيء يئودني ؛ إذا أثقلني ، أودا.
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه سئل عن العزل فقال : «ذاك الوأد الخفيّ».
وقد روي عن جماعة من الصحابة كراهية ذلك ، وقال قوم في الخبر الذي ذكرناه : إنّه منسوخ بما روي عنه عليهالسلام : أنّه قيل له : إنّ اليهود يقولون في العزل هو الموؤدة الصغرى ، فقال : «كذبت يهود ، لو أراد الله تعالى أن يخلقه لم يستطع أن يصرفه».
وقد يجوز أن يكون قوله عليهالسلام : «ذاك الوأد الخفيّ» على طريق تأكيد الترغيب في طلب النسل وكراهيّة العزل ؛ لا على أنّه محظور محرّم (٢).
ـ (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٩)) [التكوير : ٢٦ ـ ٢٩].
[إن سأل سائل] فقال : ما تأويل هذه الآية؟ أو ليس ظاهرها يقتضي أنّا لا نشاء شيئا إلّا والله تعالى شاء له ، ولم يخصّ إيمانا من كفر ، ولا طاعة من معصية؟
الجواب : قلنا : الوجه المذكور في هذه الآية ، أنّ الكلام متعلّق بما تقدّمه من ذكر الاستقامة ؛ لأنّه تعالى قال : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) ثمّ قال : (وَما
__________________
(١) سورة الأنعام ، الآية : ١٥١.
(٢) الأمالي ، ٢ : ٢٤٠.