سورة الشّرح
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)) [الشرح : ١ ـ ٣].
[فان قيل : ما معنى هذه الآية] أو ليس هذا صريحا في وقوع المعاصي منه صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
الجواب : قلنا : أمّا الوزر في أصل اللغة فهو الثقل ، وإنّما سمّيت الذنوب بأنّها أوزارا ؛ لأنّها تثقل كاسبها وحاملها ، فإذا كان أصل الوزر ما ذكرناه ، فكلّ شيء أثقل الإنسان وغمّه وكدّه وجهده جاز أن يسمّى وزرا ، تشبيها بالوزر الّذي هو الثقل الحقيقي. وليس يمتنع أن يكون الوزر في الآية إنّما أراد به غمّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهمّه بما كان عليه قومه من الشرك ، وأنّه كان هو وأصحابه بينهم مستضعفا مقهورا ، فكلّ ذلك ممّا يتعب الفكر ويكدّ النفس ، فلمّا أن أعلى الله كلمته ونشر دعوته وبسط يده خاطبه بهذا الخطاب تذكيرا له بمواقع النعمة عليه ، ليقابله بالشكر والثناء والحمد.
ويقوّي هذا التأويل قوله تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (١) وقوله عزوجل : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦)) (٢) والعسر بالشدائد والغموم أشبه ، وكذلك اليسر بتفريج الكرب وإزالة الهموم والغموم أشبه.
فإن قيل : هذا التأويل يبطله أنّ هذه السورة مكيّة نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في الحال الّذي ذكرتم أنّها تغمّه من ضعف الكلمة وشدّة الخوف من الأعداء ، وقبل أن يعلي الله كلمة المسلمين على المشركين ، فلا وجه لما ذكرتموه.
__________________
(١) سورة الإنشراح ، الآية : ٤.
(٢) سورة الانشراح ، الآية : ٥.