سورة الكوثر
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)) [سورة الكوثر : ١ ، ٣].
قال لي قائل وقد أسى : إذا كنتم معشر المسلمين تظنون الآن من نفوسكم أنّ من أتاكم بمثل سورة من سور القرآن صغيرة كانت أو كبيرة ، كانت الحجّة له لا عليه.
فها أنا أورد لكم مثل سورة «إنّا أعطيناك الكوثر» على وجهين :
أحدهما : «لقد أتيناك المفخر ، فتهجّد به وأشهر ، واصبر فعدوّك الاصغر».
والآخر : «لقد أنذرناك المحشر ، وشددنا أزرك بحذر ، فاصبر على الطاعة تؤجر».
فقلت له : الاوّل كلام أبدل بكلام في معناه ، فقال : وما الذي تخرجه عن المعارضة وإن كان كذلك ، مع أنّ الثاني على غير هذه الصفة ، وقد صحّت فيه الفصاحة والنظم اللّذان وقع التحدّي بهما. ثم ذكر (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١) وادّعى أنّها لبعيدة من الفصاحة.
وسيدنا «فسح الله في مدّته» لينعم بما عنده في ذلك ، وبايضاح خروج ذلك عن المعارضة ، هذا ان كان قوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (٢) يوجب تخييرهم طوال السور وقصارها.
وهل يجوز أن يكون القول بقيد سورة يختارها هو عليه ، أو يكون هذا
__________________
(١) سورة الكافرون ، الآية : ١.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٣.