واحد ، وإذا شاهدنا أشخاصاً يشككون في هذا الأمر أو يعتقدون ، بخلاف ما هو بديهي فهم في الواقع يتلاعبون بالألفاظ لا أكثر ، فيفسرون (النقيضين) أو «الضدين» بمعانٍ غير تلك المعاني المتعارف عليها ، والّا فلا خلاف في اصل الموضوع.
الامر الثاني : لا يخطأ الاستدلال إذا استند إلى مقياس دقيق ، فالخطأ ينشأ عندما يستند الدليل إلى مقاييس غير دقيقة ، ولهذا لا نشاهد اختلافاً في مسائل الرياضيات وقوانينها ، لأنّها تعتمد على أسسٍ دقيقة ، ونمتلك معايير واضحة لمعرفة صحة أو خطأ النتيجة لأي مسألة ، والنتائج تكون قطعية كذلك.
الأمر الثالث : إنّ قولنا بوجود أخطاءٍ في الإدراكات العقلية ، دليل على قبولنا للإدراكات العقلية لا على نفيها ، وذلك لأنّ مفهوم حديثنا عن الأخطاء في الإدراكات هو أننا نقلب بعض الحقائق ونخطّيءُ عقائد الآخرين على أساس تلك الحقائق المقبولة لدينا.
مثلاً عندما حكمنا بصحة أحد آراء الفلاسفة المختلفين ، فانّنا نعلم أنّ صحة اعتقادين متضادين محال ، وهذا إدراك عقلي بديهي ، وقضية القائلين : «إنّ الحس لا اعتبار له لأنّه يُخطِىءُ» تماثل هذه القضية ، وكما ذكرنا سابقاً ، فان تخطئتنا للباصرة في إدراكها لخط دائري ممتد ناشئة عن معرفتنا بأن هذا الخط نقطة نورانية متحركة ، وبما أنّ «النقطة» تضاد «الخط» حكمنا بخطأ الباصرة في إدراكها للخط الممتد ، وهذا اعتراف ضمني يوجد حقائق وإمكانية إدراكها.
وآخر الحديث ، نقول : في الحقيقة إنّ جميع المنكرين للإدراكات العقلية يريدون إثبات مدعاهم بنفس الإدراكات ، أي أنّهم ينقضون مدعاهم عملياً ، وقد هبوا لحرب الإدراكات العقلية بواسطة الإدراكات العقلية.
٢ ـ منزلة العقل في الروايات الإسلامية
أكّدت الروايات الإسلامية على أنّ للعقل أهميّة قصوى أكثر مما هو متوقع ، وأشادت به