٤ ـ فلسفة التاريخ
إنّ المهم في التاريخ هو العثور على «جذور» و «نتائج» الحوادث التاريخية.
فإذا حصلت ثورة في بقعة ما من العالم ـ مثلاً ـ ينبغي أولاً دراسة العوامل التي أدت هذه الثورة والتحقق منها بدقة.
ثانياً النظر في نتائج هذه الثورة ، وهذان الأمران هما اللذان يخرجان التاريخ عن كونه مجرد حكايات مسلّية ، ويبدلانه إلى مصدرٍ مهم للمعرفة.
لكن يؤسفنا أن يكتفي المؤرخون بذكر الحوادث التاريخية ، في مرحلة تبلورها فقط ، وقلّما يتجهون نحو جذور وعلل الحوادث ونتائجها ، ولم يتركوا في مجال تحليل القضايا التاريخية آثاراً تُذكر.
إلّا أنّ القرآن قرن تدوين الحوادث مع البحث عن أُصولها ونتائجها فتارة بعد ذكره لمقطعٍ تاريخي يقول :
(فَانْظُرُوا كَيفَ كانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ). (آل عمران / ١٣٧)
وتارة يقول : (وَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ). (الاعراف / ٨٦)
وتارة يقول : (فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبةُ الْمُجْرِمِينَ). (النمل / ٦٩)
وتارة يقول : (انَّ اللهَ لَايُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتّى يُغيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ). (الرعد / ١١)
والجدير بالذكر أن للتاريخ فروعاً عديدة أهمّها تاريخ الإنسان والمجتمعات البشرية ، وتاريخ الحضارات ، وتاريخ العلوم والفنون البشرية ، وهي تواريخ محورها الأساس ومحرك عجلتها هو الإنسان.
يالهم من بسطاء أولئك الذين يظنون أن التاريخ ـ بالرغم من كل فروعه وتشعباته ـ نتاج قسري للقضايا الاقتصادية وخاصةً وسائل الانتاج ، أي أنّ التاريخ خلقته وسائل الانتاج واجهزته التي صنعها الإنسان بنفسه!
وعلى هذا الأساس يمكننا القول : إنّ هؤلاء بتصورهم الخاطىء وتفكيرهم الشاذ لم يعرفوا الإنسان ولا التاريخ أبداً.