التفسير الموضوعي في كلمات العلماء السابقين :
لم يكن التفسير الموضوعي متداولاً إلّافي فترات محدودة وحول موضوعات خاصة ، إلّا أنّه ورد كثيراً على ألسنة العلماء السابقين ، ولكن يجب الاعتراف بأننا لا نعرف أحداً منهم تناول التفسير الموضوعي في جميع المجالات.
ومن الروّاد الأوائل في هذا المضمار ، العلّامة المجلسي قدسسره حيث نراه قد تصدى لجمع كل الآيات ذات العلاقة بالموضوع عند دخوله في كل فصل من فصول بحار الأنوار ، ثم يلقي عليها نظرة شاملة وينقل أحياناً آراء المفسرين ، ويسعى لتوضيح ما يذكره من الآيات.
فنرى مثلاً في الجزء ٦٧ عندما يتكلم حول «القلب» والسمع» والبصر» ومعنى كلٍّ منها في القرآن الكريم ، يجمع عشرات الآيات ثم يذكر رواية من الكافي ثم يقوم بذكر بيان جامع لها ، فيستغرق بحثه في هذا المجال عشر صفحات تقريباً (١).
وفي الجزء ٥٨ في باب حقيقة الرؤيا وتعبيرها يذكر أولاً أكثر من عشر آيات من القرآن حول هذا الموضوع ثم يبحث في تفسيرها عدة صفحات (٢).
وفي الجزء ٢٢ في الباب الأول يبحث عن ما جرى لليهود والنصارى والمشركين بعد الهجرة ، فيذكر عشرات الآيات من مختلف السور حول هذا الموضوع ثم يقوم بتفسيرها (٣). وقد اتبع هذا المحقق العظيم نفس الاسلوب في الفصول الاخرى من الكتاب.
ومن الأمثلة الاخرى للتفسير الموضوعي في كلمات المتقدمين ، الكتب المؤلفة تحت عنوان آيات الأحكام ، ففي هذه الكتب ذكرت الآيات المتعلقة بالأحكام الفقهية ، مثل الآيات التي لها ارتباط بأجزاء وشروط الصلاة وأقسام وشروط الصوم ، والحج والنكاح والطلاق وأحكام الحدود والديات والقضاء وغيرها ، حيث جمعت الآيات وتمّ بحثها على نحو موضوعي بالاستعانة ببعضها الآخر.
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٦٧ ، ص ٢٧ إلى ٤٣.
(٢). المصدر السابق ، ج ٥٨ ، ص ١٥١ إلى ١٥٨.
(٣). المصدر السابق ، ج ٢٢ ، ص ١ إلى ٦٢.