٥ ـ التاريخ «النقلي» و «العلمي» و «فلسفة التاريخ»
قسم أحد العلماء المعاصرين التاريخ ـ من وجهة نظر وزاوية خاصة ـ إلى ثلاثة أقسام :
١ ـ التاريخ النقلي : وهو عبارة عن مجموعة من الحوادث الجزئية المعينة التي حدثت في الماضي ، وهو أشبه ما يكون بالفلم الذي يصور حادثة أو حوادث ، لهذا فانه جزئي دائماً وليس كلياً ، ويتحدث عمّا كان لا عمّا يكون ، ويتعلق بالماضي لا بالحاضر ، ونقلي لا عقلي.
وهذا الفرع من التاريخ يمكنه ـ عن طريق المحاكمات ـ أن يكون معلماً مفيداً ، وعبرة من أناس ذلك الزمان ، وهو أشبه بتأثّر الإنسان بجليسه ، وأشبه بالاسوة التي يذكرها القرآن للناس ليعتبروا منها ويقتدوا بها.
٢ ـ التاريخ العلمي : وهو التاريخ الذي يتحدث عن قواعد وسنن الامم السالفة التي تُستنبط من دراسة وتحليل حوادث العصور السابقة ، وفي الحقيقة فإنّ التاريخ النقلي كالمادة الخام لهذا التاريخ.
ومن ميزات هذه السنن هي إمكانية تعميمها ، وكونها علمية ، وإمكانية جعلها مصادِر للمعرفة ، وإحاطة الإنسان ـ عن طريقها ـ بالمستقبل.
وبالرغم من أنّ هذا النوع من التاريخ كلي وعقلي ، فانّه علم بما كان لا بما يكون.
٣ ـ فلسفة التاريخ : وهو علم يتحدث عن تحول المجتمعات من مرحلة إلى أُخرى ، أو بتعبير آخر : هو علم بما يكون لا بما كان.
ويمكن توضيح هذا بالمثال الآتي :
إنّ «علم الأحياء» علم يبحث عن القواعد الكلية التي تحكم حياة الموجودات الحية ، إلّا أنّ نظرية «تكامل الأنواع» إذا قلنا بها ـ تبحث عن كيفية تحول وتبدل نوع من الحيوانات إلى نوع آخر ، إذن ، موضوع البحث في فلسفة التاريخ هو كيفية حركة وتكامل التاريخ ، إنّ هذا الفرع من التاريخ يتسم بجانب كلي وعقلي ، ورغم ذلك فانّه ناظر إلى مجريات التاريخ من الماضي إلى المستقبل وفائدة هذا النوع من التاريخ لا تخفى على أحد (١).
__________________
(١). ملخص من كتاب فلسفة التاريخ تأليف الشهيد المطهري.