آخر الحديث حول التاريخ المعلِّم :
إنَّ ما ذكرناه عن التاريخ كمصدر للمعرفة والعلم مشروط بالامور الآتية :
أولاً : أن لا يدرس الإنسان التاريخ للتسلية.
ثانياً : أن يدرس العلاقة الحقيقية بين القضايا التاريخية وأعمال الإنسان ، ولا يحُلل القضايا التاريخية على أساس التبريرات الوهمية كالحظ والصدفة ، أو المصير المحتوم أو القضاء والقدر (على التفسير الذي يعتقد به الجاهلون ، والذي تُسلب على أساسه قدرة الإنسان في الاختيار).
ثالثاً : أن يستنبط القوانين التاريخية الكلية من الحوادث الجزئية ، وأن يحقق في اصول ونتائج كل حادثة ثم يجعل نفسه مصداقاً لهذه القوانين ويخرج بالنتيجة.
رابعاً : أن لا يسعى ليجرّبَ الحوادث (التي جربت قبله) بنفسه ، وذلك لكي لا يكون مصداقاً لهذا الحديث «من جرّب المجرَّب حلّت به الندامة».
خامساً : أن يكون ناقداً للحوادث التاريخية ومميزاً للمسلَّمات من المشكوكات والأساطير من الواقعيات.
وخلاصة الحديث هو أن يتلقى التاريخ كمصدرٍ مُلْهِم للمعرفة والخبرة في حياته ، وليس بشكله المحرَّف.