٤ ـ الفطرة والوجدان
تمهيد :
عندما يصل الإنسان إلى سنّ الرشد ، يتعرف على بعض الحقائق من دون الحاجة إلى معلم كاستحالة اجتماع الضدين أو النقيضين حيث تكون واضحة عنده.
ويدرك حسن وقبح كثير من الامور ، مثل : قبح الظلم وحسن العدل والاحسان.
وعندما يقوم بعمل مشين ، يناديه صوت الوجدان الرادع الباطني يؤنبه على عمله ، وعندما يأتي بعمل حسن يشعر بالطمأنينة والرضا النفسي.
يستأنس بالجمال ويحب العلم والمعرفة.
يحس في باطنه ارتباطاً بمبدأ مقدس ، وبتعبير آخر : إنّ في باطنه ما يجرّه ويجذبه إلى الله عزوجل.
وهذا يكشف عن وجود مصدرٍ للمعرفة في باطن الإنسان غير المصادر التي قرأنا عنها سابقاً ، يطلق عليه «الفطرة» ، وتارة «الوجدان» واخرى «الشعور الباطني».
ولتعيين حدود العقل وحدود الفطرة نتأمل الايضاحات الآتية :
إنّ روح الإنسان تمثل ظاهرة عجيبة ذات جوانب وأبعاد متعددة ، ندرك بعضها ، ونجهل الآخر ، كما أن لها نشاطات مختلفة بمحاذاة جوانبها المختلفة.
وإنّ العقل يشكل قسماً من الروح ، ووظيفته التفكير ، كما أنّ هناك قسماً آخر وهو الحافظة ووظيفتها حفظ المعلومات وخزنها وتقسيمها وتبويبها واستخراج المراد والمطلوب منها ـ بشكل معجز ـ من بين الملايين من المفاهيم والحوادث والذكريات.