إنّ التعبير بالصبغة ، كما يقول عدد من أئمة اللغة ـ قد يكون بسبب أنَّ «النصارى» يغسلون الوليد بعد اليوم السابع بماء ممزوج بمادة صفراء اللون (غسل التعميد) معتقدين أنّ هذا الصبغ يطهره وينزهه ، والقرآن يصرح لهم : إنّ صبغة الإسلام والتوحيد أحسن من هذه الصبغة وأشرف.
وعلى هذا ، فالتعبير بالصبغة يتناسب كثيراً مع الفطرة والخلقة الاولى ، خاصة وأنّ بعض الروايات فسرت الصبغة ب «الإسلام والولاية» (١).
جمع الآيات وتفسيرها
في الآية الاولى بعد أن أقسم الله بالنفس وبالذي سوّاها وما فيها من قابليات ، أشار إلى المصدر المُلْهِم للمعرفة وهو «الوجدان الأخلاقي» ، وقال : إنّ الله ألهم الإنسان المعرفة في مجال التقوى والفجور.
وقد جاء في آية اخرى ما يماثل مفاد هذه الآية ، فبعد إشارته إلى خلق الإنسان قال : وهديناه النجدين.
وينبغي الالتفات هنا إلى أن «نجد» ـ في الأصل ـ المكان المرتفع ويقابله «تَهَامة» أي الأرض المنخفضة ، إلّاأنّ النجد هنا ـ بقرينة ما قبل وما بعد الآية ، وبقرينة بعض الروايات التي فسرت النجد ـ كناية عن الخير والشر وعوامل السعادة والشقاء (٢).
كما أنّ الآية : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرَاً وإِمَّا كَفُوراً). (الإنسان / ٣)
قد تشير إلى نفس المعنى ، أو على الأقل تندرج «الهداية الفطرية» في المفهوم العام للهداية التي جاءت في هذه الآية.
* *
__________________
(١). تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ١٦٧ ـ ١٥٨.
(٢). تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧١٥٥ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٤.