توضيحات
١ ـ فروع الفطرة والوجدان
إنَّ المعلومات الفطرية والوجدانية لها فروع مختلفة وأهمّها الفروع الأربعة التالية ، والملفت للنظر أنّ كل آية من الآيات التي جاءت في أوّل البحث أشارت إلى فرعٍ من هذه الفروع ، وهي :
١ ـ إدراك الحسن والقبح ـ أي الأخلاق التي يطلق عليها ـ احياناً ـ «الوجدان الأخلاقي» ، وتعني أن الإنسان ومن دون الحاجة إلى استاذ أو معلم يعتبر كثيراً من الصفات حسنةً مثل «الاحسان» و «العدل» و «الشجاعة» و «الايثار» و «العفو» و «الصدق» و «الأمانة» وغير ذلك من الصفات.
وفي مقابل هذه الصفات ، صفات قبيحة مثل «الظلم والجور» و «البخل» و «الحسد» و «الضغينة» و «الكذب» و «الخيانة» وأمثالها.
والآية : (فَالْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) تشير إلى هذا النوع من التعاليم الفطرية.
٢ ـ إدراك البديهيات العقلية : التي تعتبر أُسس الاستدلالات النظرية ، ولا يمكن اقامة البرهان في أي موضوع من دون الاستناد اليها.
وتوضيح ذلك : أنّ في الرياضيات مجموعة من القضايا البديهية تنتهي إليها جميع الاستدلالات الرياضية وهي وجدانية ، مثل (الكل أكبر من الجزء) ، وإذا تساوى أحد شيئين متساويين مع شيء آخر ، تساوى كلٌّ منهما مع ذلك الشيء ، أو إذا أنقصنا مقدارين متساويين من شيئين متساويين أو اضفنا ذلك المقدار إلى كلٍّ منهما فالنتيجة تساويهما كذلك.
وكذلك الأمر بالنسبة للاستدلالات العقلية الفلسفية ، فلا يمكن الاستدلال من دون الاستناد إلى قضية استحالة اجتماع الضدين أو النقيضين وغير ذلك.
ويستخدم القرآن ـ احياناً ـ هذه الاصول المسلّم بها لاثبات قضايا مهمة ، كما في قوله : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ). (الزمر / ٩)
ويقول في آية اخرى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ امْ هَلْ تَستَوى الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ). (الرعد / ١٦)