١ ـ نشاهد من جهة رجالاً يدعون النبوة جاءوا بكتب وتعاليم تفوق قدرة البشر الفكرية ، فالرسول الامي ـ مثلاً ـ كيف أمكنه الاتيان بكتاب ذي محتوى مجيد بالرغم من كونه قد نشأ وترعرع في مجتمع الحجاز المتأخر للغاية في عصر الجاهلية؟!
٢ ـ ومن جهة اخرى فإنّ دعوة الرسل مقترنة دائماً مع معاجز تفوق قدرة البشر ، وهذا يكشف عن ارتباطهم بعالم ما وراء الطبيعة.
٣ ـ ومن جهة ثالثة ، فإنّ الرواية الكونية التوحيدية تقول لنا : إنّ الله خلقنا للتكامل والسير نحو ذاته المقدّسة الأبدية ، وبديهي أن سلوك هذا الطريق أمر غير ممكن لكثرة مصاعبه وانعطافاته وتعرجاته ومشاكله وأخطاره لأننا نشاهد عجز العقل وضعفه عن إدراك كثير من الحقائق ، والدليل على ذلك ، الاختلافات الكثيرة بين العلماء والمفكرين ، وكذلك مصير الأمم التي وضعت قوانينها بالاعتماد على العقل والقوانين الوضعية وذلك لإدارة شؤون حياتهم الفردية والاجتماعية.
وعلى هذا ، فإنا نقطع بأن الله لم يترك الإنسان لوحده ، فبالإضافة إلى عقله أمده بقادة يرتبطون بعالم الغيب ، ويستفيضون من بحر العلم الإلهي ، وهذا هو الذي يعينه لاجتياز الطريق والوصول إلى الأهداف المقصودة.
وبهذه القرائن الثلاث يمكننا إدراك العلاقة بين عالم الإنسانية وعالم ما وراء الطبيعة ، وكذلك الإيمان بالوحي رغم أننا لم نتعرف على حقيقته وماهيته ، وبتعبير آخر : إن علمنا بالوحي علم إجمالي وليس علماً تفصيلياً.
٣ ـ الوحي عند فلاسفة الشرق والغرب
سعى كثير من فلاسفة الشرق والغرب في العهد القديم والجديد إلى فتح الطريق أمامهم نحو أسرار عالم الوحي وسعوا إلى تفسيره بما يتناسب مع مبانيهم الفلسفية ، إلّاأنّ دراسة بحوثهم في هذا المجال تكشف عن ضياعهم في متاهات الطريق ، إلّاالبعض منهم ، ولم