وكون هذا الحديث مختلق أمر لا ريب ولا شك فيه ، إذ كيف يحتاج الرسول الذي ارتبط بعالم الغيب وكل وجوده يشعر بهذه الرابطة ، إلى ورقة بن نوفل الكاهن النصراني؟ وكيف يمكن الاعتماد على مثل هذا الوحي؟
لماذا لم يشك به موسى بن عمران عندما نزل عليه أوّل مرّة في طور سيناء؟ بالرغم من أنّ موسى سمع صوته فقط ولم يشاهده ، أليس هذا دليلاً على وجود أيادٍ خفية تهدف من وراء تلفيق هذه الخرافات إلى النيل من الوحي والنبوة وتضعيف أسس الدين الإسلامي؟
٦ ـ القرآن أغنى مصدر للمعرفة في الأحاديث الإسلامية
نستمر في بحثنا هذا مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ القرآن الكريم يمثل المصداق البارز للوحي طبق ماورد عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، كي يكون تأكيداً لأصل وموقعية القرآن كمصدرٍ عظيم للمعرفة ، كما يكون جواباً لأولئك الذين يذهبون شططاً ويعدون الوحي من «الغرائز الحيوانية» وأدنى من الإدراكات العقلية ، ويعتقدون أنّ الإنسان استغنى عن الوحي والمعارف التي تنشأ منه بعد تكامله العقلي!
ـ قال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله مخاطباً المسلمين : «إِذا التبست عليكم الامور كقِطّع الليل المُظلم فعليكم بالقرآن ... مَن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خَلفَهُ ساقه إلى النار ، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ، مَنْ قال به صدق ، ومَن عمل به اجرَ ، ومَن حَكَمَ به عَدَلَ» (١).
٢ ـ ويقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في احدى خُطب نهج البلاغة : «ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لاتطفأ مصابيحه ، وسراجاً لا يخبو توقده ، وبحراً لا يدرك مقره ، ومنهاجاً لا يضل نهجُه ، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه ، وفرقاناً لا يخمد برهانه ، وتبيانياً لا تُهدم أركانه ، وشفاءً لا تخشى أسقامه ، وعزاً لا تُهزم أنصاره ، وحقاً لا تُخذل أعوانه».
__________________
(١). نقل المرحوم العلّامة المجلسي هذه الخطبة في بحار الأنوار ج ٧٤ ، ص ١٧٧ عن أبي سعيد الخدري من جملة خُطَب الرسول التي نقلها.