لكن المسلَّم به أنّ هذا الوحي لا علاقة له بوحي النبوة ، وهو من قبيل وحي الحواريين وأمثال ذلك ، وفي الواقع ، أنّ الاصطلاح العصري للوحي يطلق على وحي النبوة الذي يسمى «إِلهاماً» ، وقد قال العلامة الطباطبائي في هذا المجال : حبذا لو أطلقنا عليه إِلهاماً لأنّه يتفق والأدب الديني (١).
يراجع ـ للتفصيل ـ المجلد ٢٦ من بحار الأنوار ، باب علوم الأئمّة عليهمالسلام ، كما يراجع المجلد الأول من اصول الكافي باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام محدَّثون.
٨ ـ كيفية نزول الوحي على الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله
كما قلنا سابقاً ، إنا لا ندرك حقيقة الوحي ، وهي من المجهولات عندنا ، لأنّ إدراكها شيءٌ خارج عن اطار الحس والعقل ، بل ندرك آثار الوحي فقط ، والأثر يدلّ على المؤثِّر ، وعلى هذا فمن العبث الدخول في عالم الوحي الغامض إلّاأنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام عندما كانوا يُسألون عن كيفية الايحاء ، يجيبون جواباً وافياً بحيث يرسم في الذهن عن الوحي تصوراً لا غير!
ذكر الشيخ الصدوق قدسسره في كتابه «الاعتقادات» حول نزول الوحي حديثاً لابدّ أن استخلصه من الروايات حيث قال فيه :
«اعتقادنا في ذلك أنّ بين عيني اسرافيل لوحاً ، فإذا أراد الله عزوجل أن يتكلم بالوحي ضرب اللوح جبين اسرافيل ، فنظر فيه فقرأ ما فيه ، فيلقيه إلى ميكائيل عليهالسلام ، ويلقيه ميكائيل عليهالسلام إلى جبرائيل عليهالسلام ويلقيه جبرائيل عليهالسلام إلى الأنبياء عليهمالسلام ، وأمّا الغشية التي كانت تأخذ النبي صلىاللهعليهوآله حتى يثقل ويعرق فإنّ ذلك كان يكون منه عند مخاطبة الله عزوجل إيّاه فأمّا جبرائيل فانّه كان لا يدخل على النبي صلىاللهعليهوآله حتى يستأذنه إكراماً له ، وكان يقعد بين يديه قعدة العبد» (٢).
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ١٢ ، ص ٣١٢.
(٢). اعتقادات الصدوق ، ص ١٠٠.