وقد أشار القرآن المجيد إلى هذا الأمر العجيب بالنسبة للنحل في الآيات ٦٨ و ٦٩ من سورة النحل.
لقد اتّضح لنا ـ بعد التحقيقات التي اجريت على هذه الحشرة في العصر الحاضر ـ أنّ النحل يعيش حياة اجتماعية وتمدناً عجيباً يفوق تمدن الإنسان في بعض نواحيه ، فالعمران والبناء يتمّ عنده بدقّة كاملة وطبقاً للمواصفات الهندسية ، وكيفية تجميع العسل وتهيئته وادخاره وحفظه من التلوث ، وكيفية تربية الصغار ، والتعذية الخاصة للملكة ، والتحقق من عدم تلوث بعض النحل بالزهور الملوثة ، وكيفية الدفاع ضد العدو ، وكيفية إخبار أعضاء الخلية عن الزهور بواسطة النحل المكلّف بالبحث ، وإعطاء المواصفات الدقيقة من حيث المسافة والانحراف وذلك للحركة الجماعية نحو ذلك المصدر ، وغير ذلك من الامور العجيبة التي لا يمكن تفسيرها إلّابالقول بأنّ لها إلهاماً غريزياً.
ويقال : إنّه تم التعرف على ٤٥٠٠ نوع من أنواع هذه الحشرة ، والعجيب في الأمر أنّ جميعها تتبع طريقة واحدة في كيفية البناء والمَصّ والتغذية من الزهور (١).
إنّ البحث يستدعي عدم الخروج عن صلب الموضوع كثيراً ، وإلّا فالحديث عن الحياة الغامضة للنحل طويل ، ويكفينا منه الحديث عن بنائه لبيت سداسي الاضلاع مع زوايا هندسية دقيقة.
يقول العلماء في هذا المجال : إنّ البيوت المبنية من قبل النحل بنيت بدقّة وظرافة بحيث لا تحتاج إلى مواد أوليه كثيرة للبناء ، رغم سعة محتواها ، لوجود ثلاثة أشكال فقط من بين الأشكال الهندسية المتعددة ـ يمكن بناء البيوت على أساسها من دون حصول فراغ بينها والأشكال هي ، المثلث متساوي الأضلاع والرباعي ، والسداسي ، وقد كشفت الدراسات الهندسية أن سداسي الأضلاع يتطلب مواد بناء أقلّ مع شدّة مقاومته ، ولهذا السبب رجحه النحل على الشكلين الآخرين.
من أين حصلت له هذه الالهامات الغريزية؟ وفي أي مدرسة تعلم هذه التعاليم؟
__________________
(١). اول جامعة ، ، ج ٥ ، ص ٥٥ «بالفارسية».