الجواب :
إنّ ما يقوله فرويد هو فرضية لا أكثر ، وفي الحقيقة لا دليل على ما يدعيه أبداً ، فقد تكون بعض المنامات مصداقاً لما يدعيه ، أمّا كون الأحلام كلها من هذا القبيل فهذا ما لا دليل له عليه (١).
نحن نعتقد أن للمنامات أقساماً ، وقسم منها هو الرؤيا الصادقة ، ونعدها وسيلة للكشف أي كشف بعض الحقائق ، وهذه حقيقة استفدناها من القرآن (الذي هو وحي الهي) بالدرجة الاولى ، وبالدرجة الثانية من التجارب التي حصلت في هذ المجال ، ليس المراد تلك الحكايات التي لا سند لها ، بل المراد الحوادث التي وقعت لشخصيات كبيرة ومعروفة في عصرنا أو في العصور الماضية ، وقد نقلوا هذه المنامات في كتبهم (وقد أشرنا إلى بعض من نماذجها الواضحة في الجزء التاسع من التفسير الأمثل).
ومن هنا يعرف أنّه لا يمكن عدّ الرؤيا لوحدها مصدراً للمعرفة ، ولهذا يقال بعدم حجية الرؤيا ، بل ينبغي ضم قرائن من الخارج موضحة ولا تقبل النفي ، لتصبح الرؤيا مصدراً مقبولاً للمعرفة.
٤ ـ المكاشفات الرحمانية والمكاشفات الشيطانية
قد نستغني عن التذكير بأنّه كما يوجد كشف وشهود واقعي يحصل تارة بالإيمان واليقين الكامل ، وتارة اخرى بالرياضات النفسية ، فانّه يوجد كشف وشهود وهمي كثير ، فقد يحصل هذا الكشف بسبب التلقينات المكررة وانحراف الذهن والفكر عن جادة الصواب ، وتارة بسبب الالقاءات الشيطانية ، فتتمثل في ذهن الإنسان صور وحوادث لا واقع لها ، إنّها
__________________
(١). لم يكتشف العلماء منشأ النوم (لا المنام) بعد ، فلا يعلمون هل أنّ منشأه نشاط فيزيائي أم كيميائي أم كلاهما ، أَم ناشيء عن نشاط الجهاز العصبي ، فإذا كان النوم نفسه لغزاً لم يُحل بعدُ ، فكيف يمكن القول بحل مسألة المنام التي هي أعقد من مسألة النوم أضعافاً مضاعفة!