الجاهلية أيضاً ومحلّا للطواف) فتحدثا في شأن النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال أبوجهل : والله إنّي لأعلم أنّه صادق. فقال له : مَهْ ، ومالك على ذلك؟ قال : يا أبا عبد شمس كنّا نسميه في صباه الصادق الأمين ، فلما تمّ عقله وكمل رشده نسميه الكذاب الخائن؟ والله إنّي لأعلم أنّه صادق. قال : فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟ قال : تتحَدث عني بنات قريش أنّي اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة ، واللات والعزّى إن اتبعته أبدا ، فنزلت «وختم على سمعه وقلبه» (١).
وما أجمل ما قاله علي عليهالسلام عن الهوى : «آفة العقل الهوى» ، كما قال في محلٍ آخر : «الهوى آفة الألباب» (٢).
٢ ـ حبّ الدنيا أحد الحجُب
يقول القرآن في هذا المجال :
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لَايَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِيْنَ* أُولئِكَ الَّذِيْنَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). (النحل / ١٠٧ ـ ١٠٨)
جمع الآيات وتفسيرها
إنّ الآية تشير إلى قوم أسلموا رغبة في الإسلام ، ثم ارتدوا عنه ، فلمحت الآية إلى أن ارتدادهم لم يكن لرؤيتهم ما يخالف الحق في الإسلام ، بل لأنّهم فضلوا الحياة الدنيا على الآخرة ، ورجحوها عليها ، فانسلخوا عن الإسلام واتجهوا نحو وادي الكفر تارة اخرى ، فلم يهدهم الله بعد كفرهم لانهم لم يكونوا أهلاً لذلك ، وذلك لحبهم الحياة الدنيا ، فطبع الله على
__________________
(١). تفسير المراغي ، ج ٢٥ ، ص ١٥٧.
(٢). غرر الحكم.