يقولون : لِمَ لَمْ ينزّل القرآن أعجمياً كي نهتم به أكثر وكي يفهمه غير العرب؟ (قد يكون مرادهم هو الحؤول دون فهم الناس له).
فأجابهم القرآن : لو نزّل القرآن أعجمياً لأشكلتم إشكالا آخر وهو (لولا فصلت آياته) أي أنّ محتواه معقد ومبهم ولا نعي شيئاً منه ، ثم قلتم ، عجيب أن يكون القرآن أعجمياً ونازلاً على عربي؟!
ثم أمر الله رسوله بأن يقول لأولئك المغرورين :
(هُوَ لِلَّذِيْنَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِيْنَ لَا يُؤْمِنُونَ فِى آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَّكَانٍ بَعِيْدٍ).
وواضح أنّ الذي ينادى من مكان بعيد لا يسمع ولا يرى.
إذا أنكرت أعينهم نور شمس القرآن الساطعة فذلك لرمدها ، وإذا أنكرت آذانهم نداء الحق المدوّي فذلك للوقر الذي فيها.
حجاب الغرور في الأحاديث الإسلامية :
١ ـ جاء في حديث للإمام الباقر عليهالسلام : «ما دخل قلب امرىءٍ شيء من الكبر إلّانقص من عقله ما دخله من ذلك قلَّ ذلك أو كثر» (١).
٢ ـ وقد خاطب أمير المؤمنين عليهالسلام فريقاً من المنحرفين في كلماته القصار قائلاً : «بينكم وبين الموعظة حجاب من العزّة» (٢).
عندما يتمحور حبّ الذات في نفس الإنسان ، يسعى الإنسان لأنّ يجمع كل شيءٍ في نفسه ، وعندما يصل إلى مستوى «العجب» يرى نفسه أعلى وأرفع من أي إنسان آخر ، وعندما يصل إلى مستوى «الأنانية» يرى نفسه المقياس الوحيد للقيم والجمال.
وهذه الحالات تجعل ستاراً عجيباً على عقله تحجب الحقيقة عنه ، فيرى جميع القيم
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ١٨٦ باب وصايا الإمام الباقر عليهالسلام ، ح ٢٦.
(٢). نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ٢٨٢.