الاهتداء أو اتباع ما كان عليه الآباء والاسلاف وامثال هذه المفردات ، إلّاأنّه من المستحسن ايضاح مفهوم هذه المفردة جيداً.
إنّ هذه المفردة مشتقة من مادة «قَلْد» ، وتعني في الأصل ـ كما ورد عن الراغب في المفردات ـ فتل الحبل ، وقيل للقلادة «قلادة» من حيث إنّ حبالاً كانت تُفتل وتعلق في العنق ، «والقلائد» جمع قلادة ، استعملها القرآن وأراد بها الأنعام التي تُعدّ للأضحية في مناسك الحج ، فانّها تُقلَّد لتتميز عن غيرها من الأنعام (الآية الثانية من سورة المائدة) ، كما أنّ اطلاق التقليد على اتباع الآخرين ، من حيث إنّ المقلِّد يجعل كلام المقلَّد كالقلادة في عنقه ، أو من حيث إنّه يلقي المسؤولية على عاتق المقلَّد.
أمّا «مقاليد» ـ وكما يقول كثير من اللغويين ـ فجمع «مقليد» أو «مِقْلد» ، إلّاأنّ الزمخشري ادّعى في كشافه : عدم وجود مفرد لهذه الكلمة.
وأمّا «مقليد» و «اقليد» ، فبمعنى المفتاح ، وقد نقل ابن منظور في لسان العرب : إنّ أصل هذه المفردة هو كلمة «كليد» الفارسية والتي تعني مفتاح كذلك ، واستعملت في العربية بنفس المعنى ، وتستعمل «مقاليد» بمعنى الخزائن أيضاً ، وذلك من حيث إنّها تقفل ولا طريق لها إلّابالمفتاح.
إذن ، لا علاقة بين مفردة «مقاليد» مع مادة «التقليد» و «القلادة» (١).
إلّا أنّه يحتمل رجوع كلا المفردتين إلى مادة واحدة من حيث إنّ كثيراً من الناس يجعلون المفاتيح في فتائل ويقلدون بها أعناقهم (٢).
* *
جمع الآيات وتفسيرها
قومٌ أهلكهم تقليدهم :
إنّ الآية الاولى أشارت إلى حديث قوم «عاد» مع رسولهم ذي القلب العطوف
__________________
(١). مفردات الراغب ؛ مجمع البحرين ؛ لسان العرب ؛ البرهان القاطع وكتب اخرى.
(٢). وقد اعتبر البعض «اقليد» مفردة يمنية أو رومية (مجمع البحرين ولسان العرب ـ مادة قلد ـ).