عالم الوهم والظن ، فتعمى عيناه ، ويثقل سمعه ، ويفقد وعيه (إذا كان واعياً) ، ويظلّ في الظلمات التي وضعها بنفسه تائهاً.
إنّ سعة الأماني قد تصل إلى درجة يرسم صاحبها خططاً لنفسه لا يمكن تطبيقها حتى لو كان كنوحٍ عليهالسلام في العمر ، وقد يقوم بمقدّمات امنية ، الكلُّ يعلم بعدم امكانها حتى لو كان قد بدأ بها منذ قرون ، وهذا هو حجاب الأماني الذي يحول دون المعرفة.
وقد نقل بعض المفسرين خمسة أقوال في تفسير الأماني إضافة إلى الآمال البعيدة ، والأقوال هي :
(تمني فشل المؤمنين وضعتهم ، وإغواء الشيطان ، والدنيا ، وتوقع استغفار الرسول للمنافقين ، وتذكّر الحسنات ونسيان السيئات) (١) ، وقد فسرها البعض ب «الأباطيل».
توضيح :
حجاب الأماني في الروايات الإسلامية :
إنّ مسألة (الآمال الطويلة والأوهام البعيدة عن الواقع ، وأنّها تجعل حجاباً على عقل الإنسان وشعوره) لم يشر اليها في القرآن الكريم فحسب ، بل لها شواهد كثيرة في الروايات الإسلامية والتواريخ أيضاً ، ففي حديث مشهور للإمام علي عليهالسلام يقول فيه : «إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان ، إتّباع الهوى وطول الأمل ، فأمّا اتباع الهوى فيصدُّ عن الحق وأما طول الأمل فيُنسي الآخرة» (٢).
ويقول في كلماته القصار : «الأماني تُعمي أعين البصائر» (٣).
ونقرأ في حديث آخر لنفس الإمام عليهالسلام : «جماع الشرّ في الاغترار بالمُهل والاتكال على الأمل» (٤).
__________________
(١). تفسير القرطبي ، ج ٦ ، ص ٦٤١٧.
(٢). نهج البلاغة ، الخطبة ٤٢.
(٣). نهج البلاغه الكلمات القصار ، الكلمة ٢٧٥.
(٤). غرر الحكم (حرف ج رقم ٥٥).