من الله أو كان بصورة طلب عملي أي ، السعي لتحصيل الشيء وبذل الجهود لِنَيْلِهِ (١).
إلّا أنّ المستفاد من بعض التفاسير أنّ المراد هو الدعاء اللفظي والطلب من الله ، ولهذا قيل في شأن نزول الآية : إنّها نزلت في حق النضر بن الحارث وهو من مشركي العرب المعروفين حين قال : (اللهُمَّ انْ كَانَ هَذَآ هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ) ، فاستجاب الله هذا الدعاء وأهلكه (٢).
وقد ذكر المرحوم الطبرسي كلا التفسيرين في مجمع البيان ويظهر أنّ معنى الآية يسع كلا التفسيرين.
وقد جاء في حديث للإمام الصادق عليهالسلام في تفسيره لهذه الآية قال فيه : (وَاعْرِفْ طَرِيْقَ نَجاتِك وَهَلَاكِكَ ، كَيْلا تَدْعُو اللهَ بِشَيء عَسى فِيْهِ هَلاكُكَ وَأَنْتَ تَظنُّ أَنَّ فِيْهِ نَجاتكَ. قالَ اللهُ تَعالى : وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولاً) (٣).
وقد جاء في حديث آخر أنّ آدم نصح أولاده وقال لهم : (كُلُّ عَمَلٍ تُريدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا فَقِفُوا لَهُ ساعةً فَانِّي لَوْ وَقَفْتُ ساعةً لَمْ يَكُنْ أصابَنِي ما أَصابَنِي) (٤).
ومن هذا الباب اطلق العرب عبارة «ام الندامات» اسماً للعجلة ، كما قيل : أنّ العجلة من الشيطان إلّافي ستة موارد : أداء الصلاة في وقتها ، دفن الميت ، تزويج البنت الباكر عند بلوغها ، أداء الدين عند حلول وقته ، إطعام الضيف عندما يحلّ ، والتوبة عند اقتراف الذنب.
أمّا ما المراد من الآية «وكان الإنسان عجولاً» وأمثالها الذي ورد في القرآن الكريم والتي تعبر عن نقاط الضعف المهمّة في طبيعة الإنسان؟ وكما ذكرنا في التفسير الأمثل أنّ المراد بالآية الإنسان الذي لم يتخلق باخلاق الله ولم يتربَّ على أساس التربية الرسالية والدينية ، لا الإنسان المهذب.
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ١٣ ، ص ٥٠ ، وبما أنّ الباء في «بالخير وبالشر» باء صلة فيكون معنى الجملة هكذا : «يدعو الشر كدعائه الخير».
(٢). تفسير القرطبي ، ج ٦ ، ص ٣٨٤١ ؛ وتفسير الكبير ، ج ٢٠ ، ص ١٦٢.
(٣). تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٤١.
(٤). تفسير روح البيان ، ج ٥ ، ص ١٣٧.