فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَآ ابْصَارُهُمْ وَلَا افْئِدَتُهُمْ مِّنْ شَىْءٍ اذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ). (الأحقاف / ٢٦)
* *
جمع الآيات وتفسيرها
خُداع الكذب :
يقول بعض المفسرين في شأن نزول الآية الاولى :
إنّ رجلاً وامرأة من اليهود زنَيا ، وكانا ذوي شرف ، وكان في كتابهم الرجم ، فكرهوا رجمهما لشرفهما ، فرجعوا في أمرهما إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله رجاء أن يكون عنده رخصة في ترك الرجم فحكم الرسول صلىاللهعليهوآله بالرجم فأنكروا ذلك فقال عليه الصلاة والسلام : بيني وبينكم التوراة فإنّ فيها الرجم فمن أعلمكم؟
قالوا : عبدالله بن صوريا الفدكي ، فأتوا به واحضروا التوراة ، فلما أتى على آية الرجم وضع يده عليها ، فقال ابن سلام الذي كان على ملة اليهود وأسلم.
قد جاوز موضعها يا رسول الله ، فرفع كفّه عنها فوجدوا آية الرجم ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآله برجمهما فرجما ، فغضبت اليهود لعنهم الله لذلك غضباً شديداً فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
يقول القرآن في هذا المجال : (الَمْ تَرَ الَى الَّذِينَ اوتُوا نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ الى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيْقٌ مِنهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ).
ثم يضيف : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ الَّا ايَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وغَرَّهُمْ فِى دِينِهِمْ مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ).
«يفترون» من مادة «الافتراء» ومن أصل «فري» الذي يعني القطع وشق الجلد بهدف الإصلاح ، إلّاأنّه قد تستعمل في صيغة «الافراء» فتعني القطع بهدف الافساد ، و «الافتراء» معناه واسع ، أي القطع سواء كان بهدف الإصلاح أو الافساد ، بالرغم من استعماله في أغلب
__________________
(١). تفسير الكبير ، ج ٧ ، ص ٢٣٢.