وهناك أسباب وعلل لهذا العمل (أي انكار الواقعيات مع العلم والمعرفة) ، فتارة ينشأ عن العناد ، وتارة اخرى عن التعصب ، وتارة عن الكبر والغرور ، وتارة يقدم الإنسان عليه حفاظاً على مصالحه المادية التي تتعرض للخطر إذا ما كشف عن الحقائق ، وتارة لأجل شهوات اخرى ، وعلى أيّة حال فإنّ لهذا العمل مردودات سلبية ، وهو حدوث حجاب على العقل والفطرة فتنقلبُ قدرة التمييز عند الإنسان رأساً على عقب.
* *
٧ ـ حجاب الظن القاتم
إنّ اتباع الظنون والخيالات الباطلة يغير العقل تدريجياً ويحرفه عن جادة المعارف الأصيلة ، ويجعل حجاباً أمام عينيّ الإنسان واذنيه.
في البداية نقرأ معاً خاشعين الآية الكريمة التالية :
(وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيْرٌ مِّنْهُم وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ). (المائدة / ٧١)
جمع الآيات وتفسيرها
إنّ هذه الآية ناظرة إلى فريق من اليهود الذين عاهدوا الله على أن يتبعوا دعوات الأنبياء ويخضعوا لها ، إلّاأنّهم كلما جاءهم رسول يأمرهم بما يخالف أهواءهم النفسية نهضوا ضده أو قتلوه.
ثم تضيف الآية : إنّهم حسبوا أن لا تكون فتنة ولا عذاب ، وهذا ظن باطل نشأ عن حب الدنيا والكبر والغرور ، ظن باطل تدعو إليه الشياطين والأهواء النفسية ، وهذا الظن هو الذي ألقى بحجابه على أفئدتهم وأبصارهم وسمعهم فحال دون أن يعقلوا شيئاً ، فلم تعد أبصارهم تدرك الآثار المتبقية من المصير المؤلم للاقوام السالفة ولم تعد آذانهم تمتلك