٥ ـ (أَمْ انَا خَيْرٌ مِّنْ هذَا الَّذِىْ هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ* فَلَوْلَا أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ* فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ). (الزخرف / ٥٢ ـ ٥٤)
جمع الآيات وتفسيرها
الإعلام المسموم :
إنّ الآية الاولى أشارت إلى قصة السامري طالب الشأن والمقام ، الذي استغل غيبة موسى عليهالسلام اثناء ذهابه إلى طور سيناء (للقاء ربه) لمدّة أربعين يوماً ، فجمع ذهب وحُلي بني اسرائيل وصنع منها صنماً في صورة عجل! ويظهر أنّه وضعه باتجاه الريح بحيث يُخرج صوتاً كرُغاءَ البقرة عند هبوب الرياح ، وقد عبر القرآن عن هذا الصوت ب «خوار» أي صوت البقرة البطيء.
إنّه انتهز الفرصة بأُسلوب خاص ، حيث قام بعمله هذا بعد مضي خمسة وثلاثين يوماً من غيبة موسى ، أي عندما أخذت أنوار التبليغ التوحيدي تتضاءل في قلوب بني اسرائيل ، حيث كان المفروض أن يَرجِعَ موسى من طور سيناء بعد ثلاثين يوماً ، إلّاأنّ الله اخّر ميعاده لامتحان بني اسرائيل فاتمهن أربعين يوماً.
يقول القرآن في هذا المجال : (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَا قَومَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرىُ).
وعلى أيّ حال فإنّ انحراف بني اسرائيل (الذين ينقل أنّ عددهم بلغ الستمائة ألف) عن طريق التوحيد الخالص إلى الشرك والكفر وعبادة الأصنام ليس بالأمر الهين ، إنّ الآيات التي جاءت في هذا المجال في سورة «طه» وغيرها من السور وكذا التواريخ والتفاسير تكشف عن أنّ السامري كان يستعين بأسلوب خاص من الاعلام والتبليغ للإستحواذ على أفكار الناس وغسل أدمغتهم ، بحيث جعل حجاباً على عقولهم ، فظنوا (بسبب ذلك