فيها ، والتسويل يعني تزيين الشيء بشكل حيث تشتاق إليه النفس ، كما جاء بمعنى تزيين الأشياء القبيحة.
هذا التفسير ذكره الراغب في مفرداته ، إلَّاأنّه يستفاد من صِحاح اللغة وكتاب العين ، أن معناها في الأصل هو الاسترخاء المتزامن مع الغرور والغفلة ، ولهذا اطلقت هذه المفردة على تزيين الامور غير السائغة واظهار عكس ما هي عليه وبشكل سائغ ، بحيث يُخدع الإنسان من جرائها ويسترخي.
وعلى أيّة حال ، فإنّ المراد من تسويلات الشيطان في الآيات هو إظهار القبح حسناً بشكل يخدع الإنسان ويحرفه.
جمع الآيات وتفسيرها
كيف يُزيّن الباطل؟ وكيف تُسحر العيون؟
تحدثت الآية الاولى عن فريق من الأقوام السالفة الذين أُرسل إليهم رسلٌ ليؤمنوا ويسلموا أنفسهم للحق ، إلّاأنّهم اعرضوا عن ذلك ، فأنزل الله عليهم بأسه ، فابتلاهم بمختلف المشاكل والمصائب والحوادث الصعبة ، والفقر والمرض والقحط وغير ذلك ، كي يوقظهم من غفلتهم ، ولكي يخضعوا للحق ، إلّاأنّهم اتخذوا السبيل المنحرف بدل سبيل الرشاد والرجوع إلى الحق والتوبة.
يقول القرآن في هذا المجال : لماذا لم يتضرعوا بالرغم من مجيء بأسنا لهم؟ ثم يعدُّ أسباب هذا الأمر ويقول : الأول هو (قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فما كادت تخضع للحق.
والثاني هو : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، بحيث أصبحوا يرون المعاصي صواباً والقبح جمالاً ، وقد نفذ الشيطان هنا من طريق عبادة الهوى.
وبتعبير آخر : لم تؤثر فيهم لا مواعظ الأنبياء اللفظية ، ولا مواعظ الله العملية والتكوينية ، وعامل هذا الحجاب هو قسوة القلوب من جهة ، ومن جهة اخرى تزيين الشيطان لهم ، بحيث سلب منهم روح التضرع والخضوع.