هناك سؤال يرتبط ببحثنا وهو : كيف يمكن أن يتركنا الله لوحدنا نواجه جنود الشيطان القوية والقاسية؟ وهل يتفق هذا مع حكمة الله وعدله؟
يمكننا الإجابة عن هذا السؤال بالالتفات إلى نقطة ، وهي : إنّ الله ـ وكما جاء في القرآن الكريم ـ يجهز المؤمنين بجنود رحمانية ، أي الملائكة ، ويوظف القوى الغيبية التي في العالم يؤازرونهم وينصرونهم في طريق جهاد النفس والعدو :
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ الَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِى كُنْتُمْ تُوْعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ ...). (فصلت / ٣٠ ـ ٣١)
٣ ـ النقطة المهمّة الاخرى
هي : إنّ الشيطان لا يدخل قلوبنا فجأة ولا يعبر حدود دولة الروح من دون جواز ، إنّ هجومه ليس مباغتاً بل يدخل برخصتنا ، نعم إنّه يدخل من الباب لا من النافذة ، ونحنُ نفتح له الباب ، كما يقول القرآن في هذا المجال : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* انَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ). (النحل / ٩٩ ـ ١٠٠)
في الحقيقة إنّ أعمال الإنسان هي التي توفر الأرضية لنفوذ الشيطان ، وذلك ما يقوله القرآن : (انَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا اخْوَانَ الشَّيَاطِينِ). (الاسراء / ٢٧)
إلّا أنّه لا طريق للنجاة من مكائد الشياطين المتنوعة وجنودهم في أشكالها المختلفة من الشهوات ومراكز الفساد والسياسات الاستعمارية والمذاهب المنحرفة والثقافات الفاسدة ، إلّااللجوء إلى الإيمان والتقوى والتظلّل بألطاف الله والتوكل على ذاته المقدّسة ، وكما يقول الله تعالى : (وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا