جمع الآيات وتفسيرها
تأثير الإيمان على الرؤية الصحيحة :
تحدثت الآية الاولى عمّن كانوا موتى ثمّ أحياهم الله وجعل لهم نوراً يهتدون به في الطريق.
والمراد من الموت والحياة هنا هو الإيمان بعد الكفر ، كما جاء ذلك في الآية : (يَا أَيُّهُا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ اذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ). (الانفال / ٢٤)
وعلى هذا فالحياة هي حياة الإيمان الحقيقي والصادق ، الحياة المقترنة بالنور والضياء والمعرفة.
والجانب المقابل لجانب الأحياء ، هو جانب أولئك الذين ضلوا في ظلمات الكفر ولم يخرجوا منها أبداً (كَمَنْ مَّثَلُهُ فِى الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا).
يعتقد كثير من المفسرين أنّ هذا النور هو نور القرآن ، وقد فسّره بعضهم بنور الدين ، وبعضهم بنور الحكمة (١) ، وقد أضاف البعض على ذلك نور الطاعة (٢) ، لكن المسلم أنّ لهذا النور مفهوماً واسعاً يشمل جميع أنواع المعرفة ، ومن البديهي أنّ مراد القرآن هو اكمل مصاديقه.
إنّ التعبير بـ «يمشي به في الناس» يتناسب كثيراً مع الحياة الاجتماعية في الدنيا ، كما يكشف عن أن «الإيمان» يَعِدُّ أرضية «المعرفة» في قلب الإنسان ويحول دون ارتكاب الأخطاء في الحياة الدنيا.
* *
وقد شبهت الآية الثانية غير المؤمنين (أو أعمالهم) بظلمات أعماق بحرٍ لُجّي تتلاطم الأمواج على سطحه ، وسمائه ملبدة بالغيوم بحيث إذا أخرج شخص يده لم يكد يراها أحد.
__________________
(١). التفسير الكبير ، ج ١٣ ، ص ١٧٢ ؛ تفسير القرطبي ، ج ٤ ، ص ٢١٤ ؛ تفسير المنار ، ج ٨ ، ص ٣٠.
(٢). تفسير روح الجنان ، ج ٥ ، ص ٥٠.