وقد طرحت الآية الرابعة والأخيرة استفهاماً تقريرياً قائلة : (افَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّنْ رَّبِّهِ)؟ وهذا دليل واضح على أنّ قبول الإيمان متزامن ومقترن مع شرح الصدر ، وشرح الصدر أرضية خصبة للنور الإلهي ، النور الذي يضيء العالم أمام أعين المؤمن ، ويكشف له حقائقه كما هي.
إنّ المراد من «شرح الصدر» هو اتساع الروح إلى درجة تكون مستعدة لاستيعاب حقائق كثيرة ، وما يقابل شرح الصدر هو «ضيق الصدر» أي تضيق الروح بدرجة لا تتمكن من استيعاب شيءٍ من الحقائق ، وبتعبير آخر : إنّ شرح الصدر هو اتساع وعظمة الروح الذي يُعَدُّ الإرتباط بالذات اللامتناهية أحد عوامله ، نعم إنّ الروح التي تتخذ صبغة الله وتتسع تكون أهلاً لقبول العلوم والمعارف الإلهيّة.
إنّها لا تتسع فحسب ، بل تلين وتختصب وتتهيء لنثر بذور المعرفة فيها ، ولهذا صرحت الآية في النهاية : (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّنْ ذِكْرِ الله).
* *
توضيح
علاقة الإيمان بالعلم في الروايات الإسلامية :
١ ـ جاء في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إنّ المؤمن ينظر بنور الله» (١) فطلب أحد الصحابه بيان معنى الحديث فقال عليهالسلام : «هذا إنّما هو لأجل أنّ الله تعالى قد خلق المؤمن من نوره واحاطه برحمته».
٢ ـ ونقرأ في حديث آخر عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال :
«اتقوا فراسة المؤمن فانّهُ ينظر بنور الله ثم تلا : إنّ في ذلك للمتوسمين» (٢).
٣ ـ وفي رواية اخرى عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام عن آبائه الكرام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١). بحار الأنور ، ج ٦٤ ، ص ٧٤ ، ح ٢.
(٢). المصدر السابق ، ح ٤.