وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ). (سبأ / ١٩)
٤ ـ (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ* انْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَضْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ). (الشورى / ٣٢ ـ ٣٣)
* *
جمع الآيات وتفسيرها
السير في الآفاق والأنفس مع الصابرين :
تحدثت الآية الاولى عن «بني اسرائيل» ، حيث بُعثَ فيهم موسى عليهالسلام بمعاجز وآيات إلهية واضحة ، وكان موظَّفاً بأن يخرجهم من ظلمات الشرك والكفر والفساد إلى نور التوحيد الذي هو ينبوع جميع البركات والخيرات ، ولأن يذكرهم بأيام الله ، ثم قالت الآية في النهاية : (إنَّ فِى ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ).
ما المراد من أيام الله؟
هناك بحث بين المفسرين في هذا المجال ، فمنهم من فسرها بالنِّعَم والابتلاءات الإلهيّة (١) ، ومنهم من فسرها بأيام انتصار الرسل والأمم الصالحة ، ومنه مَنْ اعتبرها إشارة إلى أيّام عذاب الأقوام الطاغية والعاصية والظاهر عدم التعارض للأيّام بين هذه التفاسير لأنّها كلها من «أيّام الله».
إنّ معناها الواضح ، واضافتها إلى الله «اضافة تشريفية» ، والمراد منها هو جميع الأيّام المهمّة من حيث أهميّتها البالغة ، أو من حيث إنّ فيها نعمة إلهية شملت أقواماً صالحين كالانتصارات العظيمة على جند الشرك والظلم ، وكالنجاة من الظَّلَمَة والطواغيت وكالموفقية لأداء الجهاد أو فريضة عظيمة اخرى.
أو من حيث شمول عذاب الله ونقمته لأقوام عصاة وهلاكهم ، أو شمول نبذة من العقاب الإلهي لهم ليستيقظوا من غفلتهم ويعوا ، كل هذه هي «أيّام الله» وداخلة في مفهومها الواسع.
__________________
(١). لقد جاء هذا التفسير في عدد من الاحاديث النبوية. تفسير الميزان ، ج ٥ ، ص ١٥ و ١٦ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٥٢٦.