هل هناك عالم خارج أذهاننا؟
حول هذه المسألة الأُولى انقسم الفلاسفة إلى قسمين :
١ ـ «الواقعيون» (رئاليسم).
٢ ـ «المشككون أو المثاليون أو التصوريون» (أيدياليسم).
والقسم الثاني في الواقع هم فرع من السوفسطائيين المنكرين للحقائق بل إنّ البعض يعتقد أنّ السوفسطائيين هم أنفسهم المثاليون الذين يعترفون بوجود أنفسهم وأذهانهم ويعتبرون ما سواه وهماً وخيالاً ، وإلّا فكيف يمكن لعاقل أن ينكر كل شيء حتى وجود نفسه إلّاأن يكون مصاباً بخلل عقلي.
وعلى أيّة حال فإنّ أفضل الطرق لإدراك ما وراء الطبيعة هو ايكال الأمر إلى الوجدان ، الوجدان العام لكل الناس ولجميع العقلاء ، بل حتى وجدان المثاليين أنفسهم شاهد على هذا المدّعى.
لأنّ كل المخلوقات عندما تشعر بالعطش تقوم بالبحث عن الماء ، فالعطش والماء وتأثير الماء في رفع العطش امور يدركها حتى الأطفال والحيوانات ، والسوفسطائيون أيضاً لا يختلفون في عملهم عن الآخرين ، فعندما يريد الإنسان أن يعبر شارعاً مزدحماً يقف جانب الشارع قبل كل شيء وينظر يميناً وشمالاً ، وينتظر حتى يخلو الشارع من السيّارات فيعبر الشارع مع الاحتياط ، خشية أن تدهسه سيارة فيصاب بأذىً أو جراح.
هذا العمل يتساوى فيه الواقعيون والمثاليون فالكل يعترف بوجود الشارع والسيارات وخطر الدهس والاصطدام والأمور الاخرى ، وكلهم يعبرون الشارع مع الحيطةِ والتحفظ.
وهكذا عندما يمرض الإنسان ويرى الآثار غير العادية للمرض في نفسه ، فيراجع الطبيب فيأمره الطبيب بان يجري له التحليل وبعد ذلك يكتب له الطبيب وصفة الدواء ، ويحدد له الغذاء المناسب واوقات تناول الدواء والغذاء ومقاديره ، فيرى المريض نفسه مكلفاً بأن يمتثل لهذه الأوامر كي يستعيد صحته السابقة.
وفي كل ذلك لا فرق بين الواقعيين والمثاليين ، فالكل يستجيبُون للمرض بواسطة