٤ ـ المعرفة تهيء الأرضية للمعرفة
تمهيد :
المعروف هو أنّ الثروة تجلب الثروة ، أي أنّ مقداراً من رأس مال يكون أرضية لربح رأس مال أكبر ، وكلما ازداد مقداره ازداد مورد الإنسان من رأس ماله.
أنّ هذا الأمر ينطبق على العلوم والمعارف كذلك ، فالذين يملكون رأس مالٍ من العلوم تتوفر عندهم الأرضية الخصبة لتقبل علوم ومعارف اخرى ، ولهذا قلنا : إنّ المعرفة تهىء الأرضية للمعرفة أي لنيل معارف اخرى هي أرفع وأوسع.
وقبل الخوض في البحث نمعن خاشعين للآيتين التاليتين :
١ ـ (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ). (الروم / ٢٢)
٢ ـ (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). (النمل / ٥٢)
جمع الآيات وتفسيرها
مالم تكن منّا لن تطلع على اسرارنا :
إنّ الآية الاولى من جملة الآيات الكثيرة في سورة الروم التي أشارت لآيات الآفاق والأنفس ، وعدت بعضاً من آيات الله في العالم الأكبر (الكون) وبعضاً من آيات العالم الأصغر «الإنسان» فاشارت الآية إلى العالم الأكبر من جهة (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ) ، ثم أشارت إلى بعض دقائق خلق الإنسان من جهة اخرى (وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ).
الاختلاف ليس في الألسنة والألوان الظاهرة فحسب ، بل في السنة الفكر وألوان الأذواق والبواطن ، فانّها مختلفة إلى درجة بحيث لا يمكن العثور على شخصين متشابهين