مادتها (دُبُر) وتعني ظهر الشيء ، ومن ثم استعملت بمعنى التفكّر والتفكير بعواقب الامور ، وذلك لأنّ عواقب الامور ونتائجها تتّضح بالتفكّر.
إنّ الآية الاولى أوضحت أنّ التدبر هو هدف نزول القرآن كي لا يقتنع الناس بقراءة الآيات ككلمات مقدسة فحسب وينسوا الهدف الأخير منها.
والآية الثانية اعتبرت ترك التدبر دليلاً على أقفال القلوب وتعطيل الحس.
وعلى أيٍّ فإنّ هاتين الآيتين دعوة عامة للتدبر ، دعوة تثبت بوضوح إمكانية المعرفة(١).
٧ ـ المعرفة هي الهدف من المعراج
(سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). (الاسراء / ١)
ونفس معنى الآية هذه ورد في سورة النجم ، حيث تحدثت عن المعراج بأسلوب آخر ، والآية هي :
(لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرى). (النجم / ١٨)
تبين هاتانِ الآيتان ـ على الأقل ـ أحد الأهداف المهمّة لمعراج النبي صلىاللهعليهوآله وهي قضية رؤية آيات الحق الكبرى ، الرؤية التي تعتبر أهم مصادر المعرفة (٢).
٨ ـ الدعوةُ للإسلام بدأت بالدعوة للعلم
(إِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَم * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم). (العلق / ١ ـ ٥)
إنّ هذه الآيات التي تعتبر أول أنوار الوحي التي شعّت في قلب الرسول الطاهرصلىاللهعليهوآله في
__________________
(١). يقول الإمام الكاظم عليهالسلام لهشام بن الحكم : «ما بعث الله أنبياءه إلى عباده إلّاليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة». (أصول الكافي ، ج ١ ، ص ١٦).
(٢). للتفصيل راجع التفسير الأمثل ، ذيل الآيه ١٨ من سورة النّجم.