١٦ ـ العلم فخر بجميع أشكاله
(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤمِنِينَ* وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا ايُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِنَّ هذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ). (النمل / ١٥ و ١٦)
بالرغم من ملك وعظمة «سليمان» و «داود» اللذيْن لم يكن لهما مثيل بل ويحتمل عدم قيام حكومة كحكومتهما على مرّ التاريخ كما في الآية ٣٥ من سورة (ص) (وَهَبْ لِى مُلْكاً لَا يَنْبَغِى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى) خصوصاً وأن حكومتهما لم تخص الانس ، بل امتدت حتى شملت الجنّ والحيوانات وحتى القوى الطبيعية كالريح ، مع هذا كله فالله عندما يَهَبُ نعمه إلى الوالد وولده ، يبدأ بنعمة العلم والمعرفة ، لذا كانا يشكرانه لما فضّلهما على كثير من عباده (يحتمل أن يكون الشكر بهذا الاسلوب) «على كثير من عباده» لا غير لأنّه كان هناك من أُتُوا علماً أوفر مما أوتيَ سليمان وداود) ، والجدير بالذكر هو أنّ (سليمان) بالرغم من ملكه العظيم «بحيث إنّ كل من شك في ذلك ضحكت على عقله الطيور والأسماك» ، رغم هذا ، فانه كان يفتخر بعلوم قليلة الأهميّة مثل معرفته بلغة الطيور قبل افتخاره بملكه وحكومته ومواهبه الإلهيّة الأخرى.
إنّ هذه النصوص الجميلة تُبيّنُ عظمة مقام العلم بجميع أبعاده ، وهو بنفسه دليل واضح على إمكانية وضرورة المعرفة (١).
١٧ ـ المعرفة شرط أساسي للادارة والقيادة
عندما اقترح على يوسف التصدي لمسؤولية مهمة في حكومة مصر ، قال :
(إِجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ). (يوسف / ٥٥)
عندما أعلن بنو اسرائيل عن استعدادهم لمقارعة الملك الظالم آنذاك «جالوت» الذي شردهم ، طالبوا نبيّهم بأن يعين لهم قائداً كي يجاهدوا «جالوت» الظالم ، تحت رايته ، قال لهم النبي :
__________________
(١). جاء في حديث للإمام الصادق عليهالسلام : «العلم أصل كل حال سني ومنتهى كل منزلة رفيعة» (المحجة البيضاء ، ج ١ ، ص ٦٨).