(انَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادهُ بَسطَةً فِى الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِى مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (البقرة / ٢٤٧)
والجدير بالذكر إنّ «طالوت» الذي كُلِّفَ بمهمة قيادة بني اسرائيل لمقارعة الملك القوي والظالم ، كان قروياً مجهولاً يعيش في احدى القرى الساحلية وكان يرعى مواشي أبيه ويزرع!
لكنّه كان ذا قلبٍ واعٍ ، وجسم قوي ، ومعرفة دقيقة وعميقة بكثير ممّا يجري حوله ، ولهذا عندما رآه النبي «اشموئيل» عينّه قائداً على بني اسرائيل ولم يعبأْ باعتراضاتهم على تعيينهِ ، تلك الاعتراضات الناشئة عن معايير وهمية في انتخاب القائد كامتلاك الثروة والأموال الطائلة والسمعة والتقاليد الموروثة من الآباء ، حيث كانوا يعترضون بأنّه مع ما عندنا من أشخاص ذوي سمعة وثروة ، وهم أجدر من طالوت لهذه المسؤولية ، فكان يجيبهم النبي : إنّ هذا الاختيار هو انتخاب الهيّ ، والكل يجب أن يسلّم لأمره.
إنَّ هاتين الآيتين تدلان بوضوح على أنّ المعرفة والعلم من عناصر القيادة والإدارة ، وتؤكدان ما قلناه عن المعرفة حتى الآن (١).
١٨ ـ العلم منبع الإيمان
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِى أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِى إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ). (سبأ / ٦)
(إِنَّ الّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِنَا لَمَفعُولاً). (الاسراء / ١٠٧ ـ ١٠٨)
(فَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسى). (طه / ٧٠)
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ اوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ فَيُؤمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ...). (الحج / ٥٤)
__________________
(١). يقول الإمام الصادق عليهالسلام : «الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك».