أشارت هذه الآية التي جاءت في أواخر سورة القصص إلى قصة (قارون) ونقلت نصيحة علماء بني اسرائيل لكافة الناس ، الذين تمنوا امتلاك ثروة قارون عند استعراضه لثروته.
فعندما شاهد أهل الورع من علماء بني اسرائيل تَعَلُّقَ الناس بالدنيا وحبهم الشديد لها وارتباطهم الوثيق بها خاطبوهم قائلين : ويلكم يا عبدة الدنيا! لا تخدعكم الثروة وبهارج الدنيا ، فالجزاء الإلهي خير لكم في الدنيا والآخرة إن عملتم صالحاً وكنتم مؤمنين ، لكن لا ينالُ هذا الثواب الإلهي إلّاالصابرون الرافضون الظلم والاغراءات المادية.
إنّ عبارة (اوتوا العلم) تدل بوضوح على وجود علاقة بين (الورع والزهد) من جهة والعلم والمعرفة) من جهة اخرى ، وأنّ العارفين بزوال الدنيا وحقارة الثروات المادية في قبال الجزاء الإلهي وخلود الآخرة ، فانّهم لا ينخدعون بالماديات ولم يتمنوا ثروة قارون (١).
٢١ ـ التطور المادي مرهون بالعلم
(قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِى). (القصص ٧٨)
الكلام الذي ورد في الآية الكريمة قاله قارون الغني والمغرور والأناني عندما نصحه علماء قوم موسى ، أَن استثمر ثروتك في مجال منافع العباد ولا تنسَ نصيبك من الدنيا ، وأحسن لعباد الله كما أحسنَ الله اليك ولا تتخذ ثروتك وسيلة للفساد.
لكنه أجاب قائلاً : إنّي جمعت هذه الثروة بفضل علمي ومعرفتي.
والذي ينبغي ذكره هنا هو أنّ الله لم ينفِ ادّعاءهُ هذا.
بل يقول تعالى : (اوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً). (القصص / ٧٨)
__________________
(١). يقول الإمام الصادق عليهالسلام : «إنَّ ممّا خاطب الله به موسى بن عمران قال : إنّ عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي». (بحار الأنوار ج ١٨ ، ص ٣٣٩).