ويعدّهما أفضل موهبة ونعمة إلهية ، ويستفاد من التعبيرات السابقة بالدلالة الالتزامية أنّ طريق العلم مفتوح للجميع ، ولا شيء أنفع منه ، وهذا هو الشيء الذي نحن بصدده (١).
والآن ننتقل إلى عناوين اخرى تدور حول محور «(الجهل) وبملاحظة آثاره السلبية والمدمرة ، نشق طريقنا نحو العلم والمعرفة وما ينتح عنهما من آثار إيجابية وحيوية.
٢٦ ـ أصحاب السعير هم الجاهلون
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ والْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّايَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّايَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْانْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). (الاعراف / ١٧٩)
إنَّ كلمة «ذرأ» مأخوذة من مادة ذَرْء على وزن (زَرْع) وتعني الخلق ، لكن المستخلص من «مقاييس اللغة» أنّ أصلها يعني «نثر البذور».
ويحتمل لهذا السبب ذكر الراغب في «مفرداته» أن معناها الأصلي هو «الاظهار والايضاح» ، بينما قال البعض كما في «التحقيق في كلمات القرآن» : إنَّ معناها الأصلي هو «النثر والنشر».
فإذا أُريد منها الخلق فيكون معنى الآية : إنَّ أولئك الذين وهب الله لهم السمع والبصر والفؤاد ... (وسائل المعرفة) ولم يستفيدوا منها لا مصير لهم غير جهنم ، وإذا كانت «ذرأ» بمعنى النشر والنثر ، فالآيةُ تُشير إلى أنّ أشخاصاً كهؤلاء سينثرون في جهنم.
وعلى أيّة حال فهذه الحقيقة تكشف عن أنّ عاقبة الجهل وتعطيل وسائل المعرفة ليست سوى نار جهنم.
(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أَصْحَابِ السَّعِيرِ* فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ). (الملك / ١٠ و ١١)
__________________
(١). يقول الإمام علي عليهالسلام : «لا كنز أنفع من العلم». (بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٨٣).