وعليه فالمراد من «أرذل العمر» أيّام وساعات من العمر التي تقلّ قيمةً عن بقية أيّام العمر ، وقد نعت القرآن الأيّام الأخيرة من الشيخوخة التي تتزامن مع نسيان العلوم وفقدانها ب «أرذل العمر» ، وعليه فأفضل أيّام العمر وساعاته هي الأيّام والساعات التي تكون مقرونه بالعلم والمعرفة (١).
٣٠ ـ الجهل مصدر الكفر
(وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَّنَا إِلهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ). (الأعراف / ١٣٨)
إنَّ ما يثير العَجب هو أنّ بنى اسرائيل شاهدوا بأم أعينهم الإعجاز والعظمة الإلهيّة في غرقِ الفراعنة ، ونجاتهم عندما عبروا النيل ، وبالرغم من ذلك كله يقترحون على موسى أن يجعل لهم صنماً يعبدونه.
لكن موسى أجابهم أنَّ جهلكم دعاكم إلى عبادة الأصنام.
وفي الحقيقة أنّ عبادة الأصنام دائماً تنشأ عن الجهل ، وإلّا فكيف يمكن للإنسان أن يعبد ما يصنع بيده؟ وكيف له أن يطلب حل المعضلات والمشاكل الكبرى التي تعتري حياته من قطعة من خَشب أو معدن؟!
إنَّ تاريخ عبادة الأصنام يكشف عن أنّ هذا العمل القبيح نَما وتطور تحت ظلِّ من الخرافات والأوهام ، وكلما تقدمت الشعوب في مجال العلوم والتقنية كلما تراجع الشرك وعبادة الأصنام وازدادت أنوار التوحيد ضياءً :
إنَّ النبي العظيم «هود» كان يصرح لقوم «عاد» بهذا الأمر إلّاأنّه عندما شاهد فيهم الإصرار على عبادة الأصنام طلب من الله سبحانه أن يُنزل العذاب عليهم قال :
(إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَاللهِ وَأُبَلّغُكُم مَّا أُرسِلْتُ بِهِ وَلكِنّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ). (الاحقاف / ٢٣)
__________________
(١). يقول الإمام علي عليهالسلام : «الجهل في الإنسان أضرّ من الأكلة في الأبدان» (غرر الحكم).